ومن مزيدة على رأى الأخفش واعلم ان تفجير الأنهار والعيون فى البلاد رحمة من الله تعالى على العباد إذ حياة كل شىء من الماء وللبساتين منه النضارة والنماء. والعيون اما جارية واما غير جارية والجارية غير الأنهار إذ هى اكثر وأوسع من العيون ومنبعها غير معلوم غالبا كالنيل المبارك حيث لم يوجد رأسه وغير الجارية هى الآبار. وفى الدنيا عيون وآبار كثيرة وفى بعضها خواص زائدة كعين شبرم وهى بين أصفهان وشيراز وهى من عجائب الدنيا وذلك ان الجراد إذا وقعت بأرض يحمل إليها من ذلك العين ماء فى ظرف او غيره فيتبع ذلك الماء طيور سود تسمى السمر مر ويقال له السوادية بحيث ان حامل الماء لا يضعه الى الأرض ولا يلتفت وراءه فتبقى تلك الطيور على رأس حامل الماء فى الجو كالسحابة السوداء الى ان يصل الى الأرض التي بها الجراد فتصيح الطير عليها فتقتلها فلا يرى شىء من الجراد متحركا بل يموت من أصوات تلك الطيور يقول الفقير فى حد الروم ايضا عين يقال لها ماء الجراد وهى مشهورة فى جميع البلاد الرومية ينقل ماؤها من بلدة الى بلدة لقتل الجراد إذا استولت وقد حصلت تلك الخاصية لها بنفس من أنفاس بعض الأولياء وان كان التأثير فى كل شىء من الله تعالى ولهذا نظائر منها ان فى قبر ابراهيم بن أدهم قدس سره ثقبة إذا قصد ظالم بسوء البلدة التي فيها ذلك القبر المنيف يخرج من تلك الثقبة نحل وزنابير تلسعه ومن يتبعه فيتفرقون: وفى المثنوى
أوليا را هست قوت از آله ... تير جسته باز كرداند ز راه
نسأل الله العصمة والتوفيق والشرب من عين التحقيق لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ متعلق بجعلنا وتأخيره عن تفجير العيون لانه من مبادى الأثمار اى وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ورتبنا مبادى أثمارها ليأكلوا من ثمر ما ذكر من الجنات والنخيل ويواظبوا على الشكر أداء لحقوقنا ففيه اجراء الضمير مجرى اسم الاشارة وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ عطف على ثمره وأيديهم كناية عن القوة لان أقوى جوارح الإنسان فى العمل يده فصار ذكر اليد غالبا فى الكناية ومثله ذلك بما قدمت ايديكم وفى كلام العجم [بدست خويش كردم بخويشتن] وأنت لا تنوى اليد بعينها كما فى كشف الاسرار والمعنى وليأكلوا من الذي عملته أيديهم وهو ما يتخذ منه من العصير والدبس ونحوهما وقيل ما نافية والمعنى ان الثمر بخلق الله تعالى لا بفعلهم ومحل الجملة النصب على الحالية ويؤكد الاول قراءة عملت بلا هاء فان حذف العائد من الصلة احسن من الحذف من غيرها أَفَلا يَشْكُرُونَ انكار واستقباح لعدم شكرهم النعم المعدودة والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى يرون هذه النعم او يتنعمون بها فلا يشكرونها بالتوحيد والتقديس والتحميد [صاحب بحر الحقائق فرموده كه معنىء آيت بزبان اهل اشارت آنست كه زمين دلرا زنده كرديم بباران عنايت وبيرون آورديم از آن حب طاعت تا أرواح از آن غذا مى يابند وساختيم بوستانها از نخيل اذكار وأعناب أشواق وعيون حكمت در وى روان كرديم تا از اثمار مكاشفات ومشاهدات تمتع مى كيرند از نتايج اعمال كه كرده اند از صدقات وخيرات آيا سپاس دارى نميكنند يعنى سپاس نمى بايد داشت برين نعم ظاهره وباطنه تا موجب مزيد آن شود كه](لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)