فضلا عن التعلل باختلال البيوت عند سلامتها كما فعلوا الآن وما ذلك الا لمقتهم الإسلام وشدة بغضهم لاهله وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه قال الامام الراغب اليسير السهل ومنه قوله تعالى (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) ويقال فى الشيء القليل ومنه (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) وفى الآية اشارة الى مرض القلوب وصحة النفوس. وخاصيتهما إذا وكلتا الى حالتهما من فساد الاعتقاد وسوء الظن بالله ورسوله ونقض العهود والاغترار بتسويلات الشياطين والفرار من معادن الصدق والتمسك بالحيل والمكائد والكذب والتعلل بالاعذار الواهية وغلبات خوف البشرية والجبانة وقلة اليقين والصبر وكثرة الريب والجزع من احتمال خطر الاذية لو سئلوا الارتداد عن الإسلام والإشراك بعد الإقرار بالتوحيد لا جابوهم وجاؤا به وما تلبثوا بها يعنى فى الاحتراز عن الوقوع فى الفتنة الا يسيرا بل اسرعوا فى إجابتها لا ستيلاء أوصاف النفوس وغلباتها وتصدئ القلوب وهجوم غفلاتها ومن عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين واعلم ان الله تعالى ذم المنافقين فى أقوالهم وأفعالهم فان للانسان اختيارا فى كل طريق سلكه فمن وجد شرا فلا يذم إلا نفسه ولم تجب الهداية على النبي عليه السلام فى حق الكفار والمنافقين فكيف على غيره من الورثة فى حق العاصين كما قال عليه السلام (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس اليه من الضالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لا ضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء)
مؤمن وكافر درين دير فنا ... صورتى دارد ز نقش كبريا
نقش كر چهـ آمد از دست قضا ... ليك ميدان نقش را از مقتضا
فافهم جدا وَلَقَدْ كانُوا اى الفريق الذين استأذنوك للرجوع الى منازلهم فى المدينة وهم بنوا حارثة وبنوا سلمة عاهَدُوا اللَّهَ العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا والمعاهدة المعاقدة كما فى تاج المصادر. والمعنى بالفارسية [عهد كردند با خداى تعالى] مِنْ قَبْلُ اى من قبل واقعة الخندق يعنى يوم أحد حين هموا بالانهزام ثم تابوا لما نزل فيهم ما نزل كما سبق فى آل عمران لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ جواب قسم لان عاهدوا بمعنى حلفوا كما فى الكواشي [والتولية: پشت بگردانيدن] ودبر الشيء خلاف القبل وولاه دبره انهزم. والمعنى لا يتركون العدو خلف ظهورهم ولا يفرون من القتال ولا ينهزمون ولا يعودون لمثل ما فى يوم أحد ثم وقع منهم هذا الاستئذان نقضا للعهد: وبالفارسية [پشتها بر نكردانند در كار زارها] وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا مطلوبا مقتضى حتى يوفى يقال سألت فلانا حقى اى طالبته به او مسئولا يوم القيامة يسأل عنه هل وفى المعهود به او نقضه فيجازى عليه وهذا وعيد: قال الحافظ
وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وكرنه هر كه تو بينى ستمكرى داند
وقال فى حق وفاء العشاق
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود