للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشربون بل يتغذون بالشم والثالث انهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وانما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم وفى اكام المرجان ان العمومات تقتضى ان الكل يأكلون ويشربون وكون الرقيق رقيقا واللطيف لطيفا لا يمنع عن الاكل والشرب واما الملائكة فهم أجسام لطيفة لكنهم لا يأكلون ولا يشربون لاجماع أهل الصلاة على ذلك وللاخبار المروية فى ذلك قال العلماء انه عليه السلام بعث الى الجن قطعا وهم مكلفون وفيهم العصاة والطائعون وقد أعلمنا لله ان نفرا من الجن رأوه عليه السلام وآمنوا به وسمعوا القرآن فهم صحابة فضلاء من حيث رؤيتهم وصحبتهم وحينئذ ينعين ذكر من عرف منهم فى الصحابة رضى الله عنهم كذا فى شرح النخبة لعلى القاري قالُوا اى عند رجوعهم الى قومهم يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزائه إذ لم يكن القرآن كله منزلا حينئذ أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ كتاب مُوسى قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن توفل هذا الناموس الذي نزل الله على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون إليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد إذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الأرض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى يقول الفقير قد صح ان التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرآن مشتملا على الاحكام والشرائع ايضا صارت الكتب الإلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الإلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الأخلاق ونحو ذلك يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ من العقائد الصحيحة وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرائع والأعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم او أرادوا ما سمعوه من الكتاب فانه كما انه هاد كذلك هو داع الى الله تعالى وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ اى الله تعالى مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعض ذنوبكم وهو ما كان فى خالص حق الله فان حقوق العباد لا تغفر بالايمان بل برضى أربابها يعنى إذا أسلم الذمي لا يغفر عنه حقوق العباد بأسلامه وكذا لا تغفر عن الحربي إذا كان الحق ماليا قالوا ظلامة الكافر وخصومة الدابة أشد لان المسلم اما ان يحمل عليه ذنب خصمه بقدر حقه او يأخذ من حسناته

<<  <  ج: ص:  >  >>