للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكمالية كل نفس او نقصانيته انتهى يقول الفقير دعا ابراهيم عليه السلام بالمغفرة وقيدها بيوم القيامة لان يوم القيامة آخر الأيام والخلاص فيه من المحاسبة والمناقشة يؤدّى الى نجاة الابد والفوز بالدرجات لانه ليس بعد التخلية بالمعجمة الا التحلية بالمهملة فقدّم الأهم والأصل ولشدة هذا اليوم قال الفضيل بن عياض رحمه الله انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى اهوال القيامة وشدائدها قال ابو بكر الواسطي، رحمه الله الدول ثلاث دولة فى الحياة ودولة عند الموت ودولة يوم القيامة. فاما دولة الحياة فبان يعيش فى طاعة الله. ودولة الموت بان تخرج روحه مع شهادة ان لا اله الا الله. واما دولة النشر فحين يخرج من قبره فيأتيه البشير بالجنة جعلنا الله وإياكم من اهل هذه الدول الثلاث التي لا دولة فوقها فى نظر اهل السعادة والعناية وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ الحسبان بالكسر بمعنى الظن والغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور والظالمون اهل مكة وغيرهم من كل اهل شرك وظلم وهو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه تعالى كذلك نحو قوله تعالى وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مع ما فيه من الإيذان لكونه واجب الاحتراز عنه فى الغاية حتى نهى من لا يمكن تعاطيه. والمعنى دم على ما كنت عليه من عدم حسبانه تعالى غافلا عن أعمالهم ولا تحزن بتأخير ما يستوجبونه من العذاب الأليم إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تعليل للنهى اى لا يؤخر عذابهم الا لاجل يوم هائل تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ترتفع فيه أبصار اهل الموقف اى تبقى أعينهم مفتوحة لا تتحرك اجفانهم من هول ما يرونه يعنى ان تأخيره للتشديد والتغليظ لا للغفلة عن أعمالهم ولا لاهمالهم يقال شخص بصر فلان كمنع وأشخصه صاحبه إذا فتح عينيه ولم يطرف بجفنيه مُهْطِعِينَ حال مقدرة من مفعول يؤخرهم اى مسرعين الى الداعي مقبلين عليه بالخوف والذل والخشوع كاسراع الأسير والخائف. وبالفارسية [بشتابند بسوى اسرافيل كه ايشانرا بعرصه محشر خواند] يقال اهطع البعير فى السير إذا اسرع مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ اى رافعيها مع ادامة النظر من غير التفات الى شىء قال فى تهذيب المصادر الاقناع ان يرفع رأسه ويقبل بطرفه الى ما بين يديه وعن الحسن وجوه الناس يوم القيامة الى السماء لا ينظر أحد الى أحد لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ لا يرجع إليهم تحريك اجفانهم حسب ما يرجع إليهم كل لحظة بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف اى لا تضم وفى الكواشي اصل الطرف تحريك الجفون فى النظر ثم سميت العين طرفا مجازا والمعنى انهم لا يلتفتون ولا ينظرون مواقع أقدامهم لما بهم انتهى وَأَفْئِدَتُهُمْ قلوبهم هَواءٌ خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهش كأنها نفس الهواء الخالي عن كل شاغل وفى الكواشي تلخيصه الابصار شاخصة والرؤوس مقنعة والقلوب فارغة زائلة لهول ذلك اليوم ثبتك الله وإيانا فيه والآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزية للمظلوم وتهديد للظالم قال احمد بن حضرويه لو اذن لى فى الشفاعة ما بدأت الا بظالمى قيل له وكيف قال لانى نلت به ما لم انله بوالدي قيل وما ذاك قال تعزية الله فى قوله وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ: وفى المثنوى

<<  <  ج: ص:  >  >>