عَذابٌ شَدِيدٌ معجل ومؤجل. فمعجله تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الأصنام والهوى والدنيا والشيطان. ومؤجله عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته وَالَّذِينَ آمَنُوا ثبتوا على الايمان واليقين وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان لَهُمْ بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذي من جملته عداوة الشيطان مَغْفِرَةٌ عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا وَأَجْرٌ كَبِيرٌ لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الأحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول قيل مثل الصالحين وما زينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فالله تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وبأجورها العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد الله كثيرا من استخدمه الله واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان: قال الحافظ
نشان اهل خدا عاشقيست با خود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم
ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا
نسأل الله سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا بأصناف الإرادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة أنوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ [التزيين:
آراستن] سُوءُ عَمَلِهِ اى قبيح عمله بالفارسية [زشت وبد] فَرَآهُ حَسَناً فظنه جميلا لان رأى إذا عدّى الى مفعولين اقتضى معنى الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكون من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف لدلالة ما سبق عليه فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة الله تعالى اى فانه تعالى يضل مَنْ يَشاءُ ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى أسفل سافلين وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى أعلى عليين