العاصي الثابتة فى الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه اليه الأمر التكليفي وليس لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق منه المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما انتهى: قال الحافظ
قال فى بحر العلوم ان الله قد علم كل شىء على ما هو عليه والعلم تبع للمعلوم وعلمه بان فرعون لا يؤمن باختياره لا يخرجه عن حيز الا مكان ولذلك أمرهما بدعوته والرفق فيها وفى قوله لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى دلالة ظاهرة على ان لقدرة العبد تأثيرا فى أفعاله وفى افعال غيره وانه ليس بمجبور فيها كما زعم الأشعري حيث قال لا تأثير لقدرة العبد فى أفعاله بل هو مجبور والا لم يثبت له التذكر والخشية بقول موسى قالا رَبَّنا قال فى الإرشاد أسند القول إليهما مع ان القائل حقيقة هو موسى بطريق التغليب إيذانا باصالته فى كل قول وفعل وتبعية هارون له فى كل ما يأتى وما يذر- وروى- ان موسى انطلق من الطور الى جانب مصر لا علم له بالطريق وليس له زاد ولا حمولة ولا صحبة ولا شىء الا العصا يظل صاديا ويبيت طاويا يصيب من ثمار الأرض ومن الصيد شيأ قليلا حتى ورد ارض مصر قال الكاشفى [چون بمصر توجه فرمود وحي آمد بهارون كه باستقبال برادر براه مدين دوان شود پس در اثناى طريق ملاقات فرمودند وموسى شرح احوال بتمامى باز كفت هارون كفت اى برادر شوكت وعظمت از آنچهـ ديده زياده شد وبأدنى سببى حكم بقطع وقتل وصلب ميكند موسى انديشناك شد وهر دو برادر باتفاق كفتند اى پروردگار ما] إِنَّنا نَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والاخروية قال تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد بل انما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا من فرط إذا تقدم تقدما بالقصد ومنه الفارط الى الماء اى المتقدم لا صلاح الدلو اى يعجل علينا بالعقوبة ولا يصبر الى إتمام الدعوة واظهار المعجزة فيتعطل المطلوب من الإرسال اليه. وقرئ يفرط من الافراط فى الاذية فان قلت كيف هذا الخوف وقد علما انهما رسولا رب العزة اليه قلت جريا على الخوف الذي هو مجبول فى طينة بنى آدم كما فى التأويلات النجمية يشير الى ان الخوف مركوز فى جبلة الإنسان حتى انه لو بلغ مرتبة النبوة والرسالة فانه لا يخرج الخوف من جبلته كما قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا يعنى ان يقتلنا ولكن الخوف ليس بجهة القتل وانما نخاف فوات عبوديتك بالقيام لاداء الرسالة والتبليغ كما امرتنا او يتمرد بجهله ولا ينقاد لاوامرك ويسبك انتهى أَوْ أَنْ يَطْغى اى يزداد طغيانا الى ان يقول فى شأنك مالا ينبغى لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه حيث لم يقل عليك من حسن الأدب ولما كان طغيانه فى حق الله أعظم من افراطه فى حقهما ختم