والاشارة ان الله تعالى جعله المال قياما لمصالح دين العباد ودنياهم فالعاقل منهم من يجعله قياما لمصالح دينه ما امكنه ولمصالح دنياه بقدر حاجته الضرورية اليه والسفيه من جعله لمصالح دنياه ما امكنه والمنهي عنه ان تؤتوا اليه أموالكم كائنا من كان ومن جملة السفهاء النفس التي هى أعدى عدوك وكل ما أنفقه الرجل على نفسه بهواها ففيه مفاسد دينه ودنياه الا المستثنى منه كما أشار تعالى بقوله وَارْزُقُوهُمْ فِيها يعنى ما يسد به جوع النفس وَاكْسُوهُمْ يعنى ما يستر عورتها فان ما زاد على هذا يكون إسرافا فى حق النفس والإسراف منهى عنه وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً فالقول المعروف مع النفس ان يقول أكلت رزق الله ونعمه فادى شكر نعمته بامتثال أوامره ونواهيه واذيبى طعامك بذكر الله كما قال عليه السلام (أذيبوا طعامكم بالصلاة والذكر) واقل ذلك ان يصلى ركعتين او يسبح مائة تسبيحة او يقرأ جزأ من القرآن عقيب كل أكلة وسببه انه إذا نام على الطعام من غير اذابته بالذكر والصلاة بعد أكله يقسو قلبه ونعوذ بالله من قسوة القلب ففى الاذابة رفع القسوة وأداء الشكر. واعلم ان فى قوله تعالى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ إلخ اشارة اخرى وهى ان اموال العلوم وكنوز المعارف لا تؤتى لغير أهلها من العوام ولا تذكر كما حكى ان بعض الكبار ذكر بعض الكرامات لولى فنقل ذلك بعض السامعين فى مجلس آخر وأنكره رجل فلما رجع الى الأصل قال لا يباع الإبل فى سوق الدجاج
دريغست بأسفله گفت از علوم ... كه ضايع شود تخم در شوره بوم
وَابْتَلُوا الْيَتامى اى واختبروا ايها الأولياء والأوصياء من ليس من اليتامى بين السفه قبل البلوغ بتتبع أحوالهم فى صلاح الدين والاهتداء الى ضبط المال وحسن التصرف فيه وجربوهم بما يليق بحالهم فان كانوا من اهل التجارة فبان تعطوهم من المال ما يتصرفون فيه بيعا وابتياعا وان كانوا ممن له ضياع واهل وخدم فبان تعطوا منه ما يصرفونه الى نفقة عبيدهم وخدمهم واجرائهم وسائر مصارفهم حتى يتبين لكم كيفية أحوالهم حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ بان يحتلموا لانهم يصلحون عنده للنكاح فَإِنْ آنَسْتُمْ اى شاهدتم وتبينتم مِنْهُمْ رُشْداً صلاحا فى دينهم واهتداء الى وجوه التصرفات من غير عجز وتبذير فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ من غير تأخير عن حد البلوغ. وظاهر الآية الكريمة ان من بلغ غير رشيد اما بالتبذير او بالعجز لا يدفع اليه ماله ابدا وبه أخذ ابو يوسف ومحمد. وقال ابو حنيفة ينتظر الى خمس وعشرين سنة لان البلوغ بالسن ثمانى عشرة فاذا ازدادت عليها بسبع سنين وهى مدة معتبرة فى تغيير احوال الإنسان لما قال عليه السلام (مروهم بالصلاة لسبع) دفع اليه ماله او نس منه رشد او لم يونس وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً بغير حق حال اى مسرفين