الحق (لا يَسْتَوُونَ) اى الطالبون لله والطالبون لغير الله ف (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بطلب الحق (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بالإقبال على الله والاعراض عما سواه (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا) يعنى ان جنات مأوى الأبرار ومنزلهم يكون نزلا للمقربين السائرين الى الله واما مأواهم ومنزلهم ففى مقعد صدق عند مليك مقتدر وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا خرجوا عن الايمان والطاعة بايثار الكفر والمعصية عليهما فَمَأْواهُمُ اسم مكان اى ملجأهم ومنزلهم النَّارُ مكان جنات المأوى للمؤمنين كُلَّما [هركاه كه] أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها عبارة عن الخلود فيها فانه لا خروج ولا إعادة فى الحقيقة كقوله (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) ونار جهنم لا تخبو يعنى كلما قال قائلهم قد خبت زيد فيها ويروى انه يضربهم لهيب النار فيرتفعون الى طبقاتها حتى إذا قربوا من بابها وأرادوا ان يخرجوا منها يضربهم لهيب النار او تتلقاهم الخزنة بمقامع: يعنى [بگرزهاى آتشين] فتضربهم فيهوون الى قعرها سبعين خريفا وهكذا يفعل بهم ابدا وكلمة فى للدلالة على انهم مستقرون فيها وانما الاعادة من بعض طبقاتها الى بعض وَقِيلَ لَهُمْ اهانة وتشديدا عليهم وزيادة فى غيظهم ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ اى بعذاب النار تُكَذِّبُونَ على الاستمرار فى الدنيا وتقولون لا جنة ولا نار قال فى برهان القرآن وفى سبأ (عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) لان النار فى هذه السورة وقعت موقع الكناية لتقدم ذكرها والكنايات لا توصف بوصف العذاب وفى سبأ لم يتقدم ذكر النار فحسن وصف النار وهذه لطيفة فاحفظها انتهى وفى التأويلات (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) خرجوا عن سبيل الرشاد ووقعوا فى بئر البعد والابعاد (فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) لانهم فى هذه الصفة عاشوا وفيها ماتوا فعليها حشروا وذلك ان دعاة الحق لما كانوا فى الدنيا ينصحون لهم ان يخرجوا من أسفل الطبيعة بحبل الشريعة برعاية آداب الطريقة حملهم الشوق الروحاني على التوجه الى الوطن الأصلي العلوي فلما عزموا على الخروج من الدركات الشهوانية أدركتهم الطبيعة النفسانية الحيوانية السفلية واعادتهم الى أسفل الطبيعة (وَقِيلَ لَهُمْ) يوم القيامة (ذُوقُوا) إلخ لانكم وان كنتم معذبين فى الدنيا ولكن ما كان لكم شعور بالعذاب الذي يجلل حواسكم الاخروية ولو كنتم تجدون ذوق العذاب لانتهيتم عن الأعمال الموجبة لعذاب النار كما انكم لماذقتم ألم عذاب النار فى الدنيا احترزتم عنها غاية الاحتراز انتهى. فالاحتراق وصف الكافر والفاسق واما المؤمن والمطيع فقد قال عليه السلام فى حقه (تقول جهنم للمؤمن جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى) كما قال فى المثنوى
كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم «١»
وذلك النور هو نور التوحيد وله تأثير جدا فى عدم الاحتراق- كما حكى- ان مجذوبا كان يصاحب الشيخ الحاجي بيرام قدس سره وكان يحبه فلما توفى الشيخ جاء المجذوب الى الشيخ الشهير بآق شمس الدين لكونه خليفة الشيخ الحاجي بيرام فقال له شمس الدين يوما يا أخي ما لبست كسوة الشيخ الحاجي بيرام فى حياته فكيف لو لبستها من يدنا فقبل ففرح شمس الدين مع مريديه فعملوا ضيافة وألبسوه كسوة فلما لبسها القى نفسه فى نار كانت فى ذلك المجلس فلبث
(١) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى