ما يرشدهم اليه ان استرشدوا به فهو متحقق بلا اشتباه. والظلم فى الحقيقة وضع عبادة الدنيا ومحبتها والحرص فى طلبها فى موضع عبادة الله تعالى ومحبته والصدق فى طلبه لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا البنيان مصدر أريد به المفعول ووصفه بالموصول الذي صلته فعله للايذان بكيفية بنائهم له وتأسيسه على اوهن قاعدة وأو هي أساس وللاشعار بعلة الحكم اى لا يزال مسجدهم ذلك مبنيا ومهدوما رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ اى سبب ريبة وشك فى الدين كأنه نفس الريبة. اما حال بنائه فظاهر لما ان اعتزالهم من المؤمنين وإجماعهم فى مجمع على حياله يظهرون فيه ما فى قلوبهم من آثار الشرك والنفاق ويدبرون فيه أمورهم ويتشاورون فى ذلك ويلقى بعضهم الى بعض ما سمعوا من اسرار المؤمنين مما يزيدهم ريبة وشكا فى الدين. واما حال هدمه فلما انه رسخ به ما كان فى قلوبهم من الشر والفساد وتتضاعفت آثاره وأحكامه إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ من التفعل بحذف احدى التاءين اى الا ان تقطع قُلُوبِهِمْ قطعا وتتفرق اجزاء بحيث لا يبقى لها قابلية ادراك وإضمار قطعا وهو استثناء من أعم الأوقات او أعم الأحوال محله النصب على الظرفية اى لا يزال بنيانهم ريبة فى كل وقت من الأوقات او كل حال من الأحوال الا وقت تقطع قلوبهم فحينئذ يسلون عنها. واما ما دامت سالمة فالريبة باقية فيها فهو تصوير لامتناع زوال الريبة عن قلوبهم الى الموت ويجوز ان يكون المراد حقيقة تقطعها عند قتلهم او فى القبور بالبلى او فى النار وَاللَّهُ عَلِيمٌ [وخداى تعالى داناست بتأسيس بنا وايشان كه بچهـ نيت بوده] حَكِيمٌ فيما حكم وامر من هدم مسجدهم واظهار نفاقهم واعلم ان فى الآيتين المذكورتين إشارات منها ان صفاء الطوية وحسن الاعتقاد كالاساس فى باب الأعمال فكما ان البناء لا يقوم على الماء بل يقوم على الأرض الصلبة كذلك الأعمال لا تقوم الأعلى محكم الاعتقاد وهو الباعث على الإخلاص العمل الذي هو ارادة التقرب الى الله تعالى وتعظيم امره واجابة دعوته وضده النفاق وهو التقرب الى الخلق من دون الله تعالى. واما اخلاص طلب الاجر فهو ارادة نفع الآخرة بعمل الخير وضده الرياء وهو ارادة نفع الدنيا بعمل الآخرة سواء اراده من الله او من الناس لان الاعتبار فى الرياء بالمراد لا بالمراد منه فعلى العاقل ان يجعل أساس دينه على الاعتقاد الصحيح والإخلاص والتقوى حتى يكون كشجرة أصلها ثابت وفرعها فى السماء ومنها ان المنافقين بنوا مسجدا للصلاة صورة فهم انما بنوا متحدثا لهم حقيقة ومحلا لقاذورات أقوالهم وأفعالهم ولذا كان حريا بإلقاء الجيف فيه بعد الهدم فتتمتعوا قليلا ثم وقعوا فى النار جميعا كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ فكما ان من جالسهم القذرة العذرة شقى شقاوة حقيقية كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة سعد سعادة ابدية وتطهر طهارة اصلية وقد قال عليه السلام (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمراد السامع او الجالس لان المجالسة والسماع ينتجان عن المحبة قال عليه السلام (المرء مع من أحب) وهنا سرّ صوفى يريد صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي ومنها انهم أرادوا ببنيانهم مكرا وخديعة وغفلوا عن مكر الله تعالى بهم ولذا افتضحوا