هم الكافون له عن قتله ولو لاهم لقتله وما كان الذي يكفه الا ما فى نفسه من الفزع الهائل وذلك أنه تيقن نبوة موسى ولكن كان يخاف ان هم بقتله أن يعاجل بالهلاك وَلْيَدْعُ رَبَّهُ الذي يزعم أنه أرسله كى يمنعه منى يعنى تا قتل من ازو بازدارد. وهو يخاف منه ظاهرا ويخاف من دعاء ربه باطنا والا فما له يقيم له وزنا ويتكلم بذلك إِنِّي أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ اى يغير ما أنتم عليه من الدين الذي هو عبارة عن عبادته وعبادة الأصنام لتقربهم اليه أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج ان لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية فمعنى او وقوع أحد الشيئين وفى الآية اشارة الى أن فرعون من عمى قلبه ظن أن الله يذره ان يقتل موسى بحوله وقوته او يذره قومه ولم يعلم أن الله يهلكه ويهلك قومه وينجى موسى وقومه وقد خاف من تبديل الدين او الفساد فى الأرض ولم يخف هلاك نفسه وهلاك قومه وفساد حالهم فى الدارين وَقالَ مُوسى اى لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام إِنِّي عُذْتُ من پناه كرفتم وفرياد وزنهار خواستم والعوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ خص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية وإضافته اليه وإليهم للحث على موافقته فى العياذ به تعالى والتوكل عليه فان فى تظاهر النفوس تأثيرا قويا فى استجلاب الاجابة وهو السبب الأصلي فى اجتماع الناس لاداء الصلوات الخمس والجمعة والأعياد والاستسقاء ونحوها مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ متعظم عن الايمان وبالفارسية از هر كردن كشى ولم يسم فرعون بل ذكره بوصف يعمه وغيره من جبابرة أركانه وغيرهم لتعميم الاستعاذة والاشعار بعلة القساوة والجراءة على الله وهى التكبر وما يليه من عدم الايمان بالبعث يقول الفقير واما قول الرازي وتبعه القاضي لم يسم فرعون رعاية لحق التربية التي كانت من فرعون له عليه السلام فى صغره فمدخول بان موسى عليه السلام قد شافهه باسمه فى غير هذا الموضع كما قال وانى لأظنك يا فرعون مثبورا وهذا أشد من قوله من فرعون على تقدير التسمية من حيث صدوره مشافهة وصدوره من فرعون مغايبة لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ صفة لما قبله عقبه به لأن طبع المتكبر القاسي وشأنه ابطال الحق وتحقير الخلق لكنه قد ينزجر إذا كان مقرا بالجزاء وخائفا من الحساب واما إذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث كان اظلم واطغى فلا عظيمة الا ارتكبها فيكون بالاستعاذة اولى وأحرى وسئل الامام ابو حنيفة رضى الله عنه اى ذنب أخوف على سلب الايمان قال ترك الشكر على الايمان وترك خوف الخاتمة وظلم العباد فان من كان فيه هذه الخصال الثلاث فالاغلب ان يخرج من الدنيا كافرا الامن أدركته السعادة وفى الخبر ان الله تعالى سخر الريح لسليمان عليه السلام فحملته وقومه على السرير حتى سمعوا كلام اهل السماء فقال ملك لآخر الى جنبه لو علم الله فى قلب سليمان مثقال ذرة من كبر لاسفله فى الأرض مقدار ما رفعه من الأرض الى السماء وفى الحديث ما من أحد الا وفى رأسه سلسلتان إحداهما الى السماء السابعة والاخرى الى الأرض السابعة فاذا تواضع رفعه الله بالسلسلة التي فى السماء السابعة وإذا تكبر وضعه الله بالسلسلة التي فى الأرض السابعة