والوسائط كما هو الظاهر بالنسبة الى أكثرهم فلا يفهمون عن الله الا من تلك الجهة ومنها معرفتك اكتساء تلك المعاني العبارة الكاملة وتستجلى فى مظاهرها من الحروف والكلمات فتجمع بين كمالاته الباطنة والظاهرة فيتجلى بها روحانيتك وجسمانيتك ثم يتعدى الأمر منك الى أمتك فيأخذ كل منهم حصته منه علما وعملا ففى قوله تعالى لا تحرك به لسانك إلخ تعليم وتأديب اما التعليم فما أشير اليه من ان باب جهة الوحدة مسدود على اكثر الناس فلا يفهمون عن الله الى من الجهة المناسبة لحالهم وهى جهة الوسائط والكثرة الامكانية واما التأديب فانه لما كان الآتي بالوحى من الله جبريل فمتى بودر بذكر ما اتى به كان كالتعجيل له واظهار الاستغناء عنه وهذا خلل فى الأدب بلا شك سيما مع المعلم المرشد ومن هذا التقرير عرف ان قوله تعالى لا تحرك به إلخ واقع فى البين بطريق الاستطراد فانه لما كان من شأنه عليه السلام الاستعجال عند نزول كل وحي على ما سبق من الوجه ولم ينه عنه الى ان اوحى اليه هذه السورة من أولها الى قوله ولو ألقى معاذيره وعجل فى ذلك كسائر المرات نهى عنه بقوله لا تحرك إلخ ثم عاد الكلام الى تكملة ما ابتدئ به من خطاب الناس ونظيره ما لو ألقى المدرس على الطالب مسألة وتشاغل الطالب بشئ لا يليق بمجلس الدرس فقال ألق الى بالك وتفهم ما أقول ثم كمل المسألة. يقول الفقير أيده الله القدير لاح لى فى سر المناسبة وجه لطيف ايضا وهو ان الله تعالى بين قبل قوله لا تحرك به إلخ جمع العظام ومتفرقات العناصر التي هى اركان ظاهر الوجود ثم انتقل الى جمع القرآن واجزائه التي هى أساس باطن الوجود فقال بعد قوله أيحسب الإنسان ان لن نجمع عظامه ان علينا جمعه فاجتمع الجمع بالجمع والحمد لله تعالى وقد تحير طائفة من قدماء الروافض خذلهم الله تعالى حيث لم يجدوا المناسبة فزعموا ان هذا القرآن غير وبدل وزيد فيه ونقص وفى التأويلات النجمية اعلم ان كل ما استعد لاطلاق الشيئية عليه فله ملك وملكوت لقوله تعالى بيده ملكوت كل شىء والقرآن اشرف الأشياء وأكملها فله ايضا ملك وملكوت فاما ملكه فهو الاحكام والشرائع الظاهرة التي تتعلق بمصالح الامة من العبادات المالية والبدنية والجنايات والوصايات وأمثالها واما ملكوته فهو الاسرار الالهية والحقائق اللاهوتية التي تتعلق ببواطن خواص الامة وأخص الخواص بل بخلاصة أخص الخواص من المكاشفات والمشاهدات السرية والمعاينات الروحية ولكل واحد من الملك والملكوت مدركات يدرك بها لا غير لان الوجدانيات والذوقيات لا تسعها ألسنة العبارات لانها منقطع الإشارات فقوله لا تحرك إلخ يشير الى عدم تعبيره بلسان الظاهر عن اسرار الباطن والحقائق الآبية عن تصرف العبارات فيها بالتعبير عنها وان مظهره الجامع جامع بين ملك القرآن وملكوته وهو عليه السلام يتبع بظاهره ملكه وبباطنه ملكوته نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المتبعين للقرءآن فى كل زمان كَلَّا عود الى تكملة ما ابتدئ به الكلام يعنى نه چنانست اى آدميان كه كمان برده آيد در امر عقبى بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ اى الدنيا يعنى دنياى شتاب كننده را وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ