للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكيدا لهولها كما يقال زيد ما زيد على التعظيم لشأنه فقوله الحاقة مبتدأ وما مبتدأ ثان وما بعده خبره والجملة خبر للمبتدأ الاول والرابط تكرير المبتدأ بلفظه هذا ما ذكروه فى اعراب هذه الجملة ونظائرها ومقتضى التحقيق أن تكون ما الاستفهامية خبرا لما بعدها فان مناط الفائدة بيان أن الحاقة امر بديع وخطب فظيع كما يفيده كون ما خبرا لا بيان ان امرا بديعا الحاقة كما يفيده كونها مبتدأ وكون الحاقة خبرا كذا فى الإرشاد وَما أَدْراكَ من الدراية بمعنى العلم يقال دراه ودرى به اى علم به من باب رمى وأدراه به اعلمه قال فى تاج المصادر الدراية والدرية والدري دانستن ويعدى بالباء وبنفسه قال سيبويه وبالباء اكثر قوله ما مبتدأ وادراك خبره ولا مساغ هاهنا للعكس والمعنى واى شىء أعلمك يا محمد وبالفارسية و چهـ چيز دانا كردانيد ترا مَا الْحَاقَّةُ جملة من مبتدأ وخبر فى موضع المفعول الثاني لأدراك والجملة الكبيرة تأكيد لهول الساعة وفظاعتها ببيان خروجها عن دائرة علم المخلوقات على معنى ان أعظم شأنها ومدى هولها وشدتها بحيث لا يكاد تبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهى أعظم من ذلك وأعظم فلا يتسنى الاعلام قال بعضهم ان النبي عليه السلام وان كان عالما بوقوعها ولكن لم يكن عالما بكمال كيفيتها ويحتمل أن يقال له عليه السلام اسماعا لغيره وفى التأويلات النجمية يشير بالحاقة الى التجلي الاحدى الاطلاقى فى مرءاة الواحدية المفنى للكل كما قال لمن الملك اليوم لله الواحد القهار بقهر سطوات أنوار الاحدية جميع ظلمات التعينات الساترة اطلاق الذات المطلقة وسمى بالحاقة لثبوته فى ذاته وتحققه فى نفسه كَذَّبَتْ ثَمُودُ قوم صالح من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له وَعادٌ قوم هود وهى قبيلة ايضا وتمنع كما فى القاموس بِالْقارِعَةِ من جملة اسماء الساعة ايضا لانها تقرع الناس اى تضرب بفنون الافزاع والأهوال اى تصيبهم بها كأنها تقرعهم بها والسماء بالانشقاق والانفطار والأرض والجبال بالدك والنسف والنجوم بالطمس والانكدار ووضعت موضع ضمير الحاقة للدلالة على معنى القرع فيها زيادة فى وصف شدتها فان فى القارعة ما ليس فى الحاقة من الوصف يقال أصابتهم قوارع الدهر أي أهواله وشدائده قيل منها قوارع القرآن للآيات التي تقرأ حين الفزع من الجن والانس لقرع قلوب المؤذين بذكر جلال الله والاستمداد من رحمته وحمايته مثل آية الكرسي ونحوها وفى الآية تخويف لاهل مكة من عاقبة تكذيبهم بالبعث والحشر فَأَمَّا ثَمُودُ وكانوا عربا منازلهم بالحجر بين الشام والحجاز يراها حجاج الشام ذهابا وإيابا فَأُهْلِكُوا اى اهلكهم الله لتكذيبهم فأخبر عن الفعل لانه المراد دون الفاعل لانه معلوم بِالطَّاغِيَةِ اى بالصيحة التي جاوزت عن حد سائر الصيحات فى الشدة فرجفب منها الأرض والقلوب وتزلزلت فاندفع ما يرى من التعارض بين قوله تعالى فأخذتهم الرجفة وبين قوله تعالى فأخذتهم الصيحة والقصة واحدة وفى الآية اشارة الى اهل العلم الظاهر المحجوبين عن العلوم الحقيقية فانهم اهل العلم القليل كما ان ثمود اهل الماء القليل فلما كذبوا فناء اهل العلم الباطن من طريق السلوك اهلكهم الله بصاعقة نار البعد والاحتجاب فليس لهم صلاح فى الباطن وان كان لهم صلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>