تمام كلام الشفعاء قالوه اعترافا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر وإذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو إضافي لا مطلق والتخلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الأمور والبعد عن سفسافها وفى الحديث (ان الله يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها) وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان: قال الصائب
چون بسير لا مكان خود ميروم از خويشتن ... همچوهمت توسنى در زير زين داريم ما
وخاصية هذا الاسم الرفع عن أسافل الأمور الى أعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل الله تعالى واما الكبير فهو الذي يحتقر كل شىء فى جنب كبريائه وقيل فى معنى الله اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه غيره قال بعض الكبار معنى قول المصلى الله اكبر بلسان الظاهر الله اكبر ان يقيد ربى حال من الأحوال بل هو تعالى فى كل الأحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلّم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام وأكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح وفى الأربعين الادريسية يا كبير أنت الذي لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردي إذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا قُلْ مَنْ استفهام بمعنى [كه] بالفارسية يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ بانزال المطر وَالْأَرْضِ بإخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الإقرار بان آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ... فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الإلزام قيل له عليه السلام قُلِ اللَّهُ يرزقكم إذ لا جواب سواه عندهم ايضا اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الأقوات والاطعمة المتعلقة بالأبدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالأرواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة) اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث (من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه واجرى ينابيع الحكمة من قلبه) وفى الحديث (ان لله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من أكل حراما لم يقبل منه صرف