للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غريق آخر فى البحر وهو يأخذ بيده لينجيه فيهلكان جميعا فالواجب على الطالب المحق ان يتمسك بذيل ارادة صاحب دولة فى هذا الشأن مسلك كامل ويستسلم للاحكام ولا يلتفت الى كثرة الهالكين فانه لا يهلك على الله الا هالك لا يَضُرُّكُمْ ايها الطالبون مَنْ ضَلَّ من المغرقين إِذَا اهْتَدَيْتُمْ الى الحق به إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ايها الطالبون بجذبات العناية على طريق الهداية والمضلون بسلاسل القهر والخذلان على طريق المكر والعصيان فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى فيذيقكم لذة ثواب أعمالكم او الم عقوبة أعمالكم والمعنى ليس للطالب ان يلتفت فى أثناء سلوكه الى أحد من اهل الصدق والارادة بان يقبله ليربيه ويغتر بانه شيخ يقتدى به الى ان يتم امر سلوكه بتسليك مسلك كامل واصل ثم ان يرى شيخه ان له رتبة الشيخوخة فيثبته باشارة التحقق فى مقام التربية ودعوة الخلق فحينئذ يجوز له ان يكون هاديا مرشدا للمريدين باحتياط وافر فقد قال تعالى وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فاما فى زماننا هذا فقد آل الأمر الى ان من لم يكن مريدا قط يدعى الشيخوخة ويخبر بالشيخوخة الجهال والضلال من جهالته وضلالته حرصا لانتشار ذكره وشهرته وكثرة مريديه وقد جعلوا هذا الشأن العظيم والثناء الجسيم لعب الصبيان وضحكة الشيطان حتى يتوارثونه كلما مات واحد منهم كانوا يجلسون ابنه مقامه صغيرا كان او كبيرا ويلبسون منه الخرق ويتبركون به وينزلونه منازل المشايخ فهذه مصيبة قد عمت ولعل هذه طريقة قد تمت فاندرست آثارها والله اعلم باخبارها الى هاهنا من الاشارة من التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تصديره بحرف النداء والتنبيه لاظهار كمال العناية بمضمونه- روى- ان تميم بن أوس الداري وعدى بن زيد خرجا الى الشام للتجارة وكانا حينئذ نصرانيين ومعهما بديل بن ابى مريم مولى عمرو بن العاص وكان مسلما فلما قدما الى الشام مرض بديل فكتب كتابا فيه اسماء جميع ما معه وطرحه فى درج الثياب ولم يخبرهما بذلك واوصى إليهما بان يدفعا متاعه الى اهله ومات ففتشاه فوجدا فيه اناء من فضة وزنه ثلاثمائة مثقال منقوشا بالذهب فغيباه ودفعا المتاع الى اهله فاصابوا فيه الكتاب فقالوا لهما هل باع صاحبكما شيأ من متاعه قالا لا قالوا فهل طال مرضه فانفق شيأ على نفسه قالا لا انما مرض حين قدم البلد فلم يلبث ان مات قالوا فانا وجدنا فى متاعه صحيفة فيها تسمية متاعه وفيها اناء منقوش مموّه بالذهب وزنه ثلاثمائة مثقال قالا ما ندرى انما اوصى إلينا بشىء وأمرنا ان ندفعه إليكم ففعلنا وما لنا بالاناء من علم فرفعوهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فاستحلفهما بعد صلاة العصر عند المنبر بالله الذي لا اله الا هو انهما لم يخونا شيأ مما دفع ولا كتما فحلفا على ذلك فخلى صلى الله عليه وسلم سبيلهما ثم انه وجد الإناء فى مكة فقال من بيده اشتريته من تميم وعدي وقيل لما طالت المدة اظهراه فبلغ ذلك بنى سهل اولياء بديل فطلبوه منهما فقالا كنا اشتريناه من بديل فقالوا الم نقل لكما هل باع صاحبنا من متاعه شيأ فقلتمالا قالا ما كان لنا بينة فكرهنا ان نقربه فرفعوهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى فَإِنْ عُثِرَ الآية فقام عمرو بن العاص والمطلب بن ابى وداعة السهميان فحلفا بالله بعد العصر انهما كذبا وخانا فدفع الإناء إليهما واتفق العلماء على ان

<<  <  ج: ص:  >  >>