الخصوم والتبعات يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ استئناف مبين لعظم الخسران فيكون الضمير راجعا الى المرتد المشرك اى يعبد متجاوزا عبادة الله تعالى ما لا يَضُرُّهُ إذا لم يعبده وَما لا يَنْفَعُهُ ان عبده اى جمادا ليس من شأنه الضر والنفع كما يلوح به تكرير كلمة ما ذلِكَ الدعاء هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ عن الحق والهدى مستعارا من ضلال من ابعد فى التيه ضالا عن الطريق فطالت وبعدت مسافة ضلاله فان القرب والبعد من عوارض المسافة الحسية يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ الدعاء بمعنى القول واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له ومن مبتدأ وخبره مبتدأ ثان خبره اقرب والجملة صلة للمبتدأ الاول وقوله لبئس إلخ جواب لقسم مقدر وهو وجوابه خبر للمبتدأ الاول وإيثار من على ما مع كون معبوده حمادا وإيراد صيغة التفضيل مع خلوه عن النفع بالكلية للمبالغة فى تقبيح حاله والإمعان فى ذمه اى يقول ذلك الكافر يوم القيامة بدعاء وصراخ حين يرى تضرره بمعبوده ودخوله النار بسببه ولا يرى منه اثر النفع أصلا لمن ضره اقرب من نفعه والله لبئس الناصر ولبئس الصاحب والمعاشر والخليط هو فكيف بما هو ضرر محض عار عن النفع بالكلية فالآية استئناف مسوق لبيان مآل دعائه المذكور وتقرير كونه ضالا بعيدا والظاهر ان اللام زائدة ومن مفعول يدعو ويؤيده القراءة بغير اللام اى يعبد من ضره بكونه معبودا لانه يوجب القتل فى الدنيا والعذاب فى الآخرة اقرب من نفعه الذي يتوقع بعبادته فى زعمهم وهو الشفاعة والتوسل الى الله فايراد كلمة من وصيغة التفضيل تهكم به والجملة القسمية مستأنفة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بيان لكمال حسن حال المؤمنين العابدين له تعالى اثر بيان سوء حال الكفرة. والجنة الأرض المشتملة على الأشجار المتكاثفة الساترة لما تحتها والنهر مجرى الماء الفائض فاسناد الجري الى الأنهار من الاسناد الحكمي كقولهم سال الميزاب إذ الجريان من أوصاف الماء لا من أوصاف النهر ووصف الجنات به دلالة على انها من جنس ما هو ابهى الأماكن التي يعرفونها لتميل إليها طباعهم كما قال الكاشفى [غايت نزهت باغ وبستان بآب روانست] إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ اى يفعل البتة كل ما يريده من اثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع وفى الآيات إشارات منها ان من يعبد الله على طبع وهوى ورؤية عوض وطمع كرامات ومحمدة الخلق ونيل الدنيا فاذا أصابته أمانيه سكن فى العبادة وإذا لم يجد شيأ منها ترك التحلي بتحلية الأولياء فخسرانه فى الدنيا فقدان القبول والجاء عند الخلق وافتضاحه عندهم وسقوطه من طريق السنة والعبادة الى الضلالة والبدعة وخسرانه فى الآخرة بقاؤه فى الحجاب عن مشاهدة الحق واحتراقه بنيران البعد وايضا ان بعض الطالبين ممن لا صدق له ولا ثبات فى الطلب يكون من اهل التمني فيطلب الله فى شك فان أصابه شىء مما يلائم نفسه وهواه او فتوح من الغيب اقام على الطلب فى الصحبة وان أصابه بلاء او شدة وضيق فى المجاهدات والرياضات وترك الشهوات ومخالفة النفس وملازمة الخدمة ورعاية حق الصحبة والتأدب بآداب الصحبة والتحمل من الاخوان انقلب على وجه يتبدل