مقر إبليس الأبالسة تحت الأرض السابعة فالارواح كلها سعيدها وشقيها متصلة بأجسادها فتعذب الأرواح وتتألم الأجساد منه كالشمس فى السماء ونورها فى الأرض واعلم ان أرواح العصاة من المؤمنين تكون بين السماء والأرض بعضها فى الهواء وبعضها فى أفنية القبور الى سبعة ايام الى سنة الى غير ذلك من الزمان حتى تصعد وتتخلص بدعوات الاحياء وامداد الحسنات وتصل الى المقر السماوي الدنيوي وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ اى حتى يدخل ما هو مثل فى عظم الجرم وهو البعير فى ما هو مثل فى ضيق المسلك وهو ثقب الابرة وذلك مما لا يكون فكذا ما توقف عليه «هر كارى موقوف محالست محالست» والعرب إذا أرادت تأكيد النفي علقته بما يستحيل كونه كما قال الشاعر
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب
والجمل زوج الناقة وانما يسمى جملا إذا اربع اى إذا دخل فى السنة السابعة فانه يقال له فى السنة السابعة رباع وللانثى رباعية بالتخفيف. والخياط ما يخاط به فسم الخياط بالفارسية [سوراخ سوزن] وقرىء الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وهو الحبل الغليظ من القنب او حبل السفينة التي يقال له القلس وهى حبال مجموعة مفتولة وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الفظيع وهو الحرمان من الجنة نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ اى جنس المجرمين فدخلوا فى زمرتهم دخولا أوليا لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ من جهنم حال من مهاد ومعناه فراش من النار يضطجعون ويقعدون فيه وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ اى اغطية جمع غاشية وهو ما يغشى الشيء ويستره ومعنى الآية الاخبار عن احاطة النار بهم من كل جانب حيث كانت غطاء لهم ووطاء وفى الحديث (الكافر يكسى لوحين من نار فى قبره) وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الشديد وهو التعذيب بالنار نَجْزِي الظَّالِمِينَ ولما كان التعذيب المؤبد بنار جهنم أشد العقوبات دل ذكر الظلم معه على انه أعظم الاجرام واعلم ان فوت النعيم أيسر من مقاساة الجحيم والمصيبة العظمى هى الخلود وذكر عند الحسن البصري ان آخر من خرج من النار رجل يقال له هناد عذب الف عام ينادى يا حنان ويا منان فبكى الحسن وقال ليتنى كنت هنادا فتعجبوا منه فقال ويحكم أليس يوما يخرج والاشارة إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهى السنن الحسنة المنزلة على الأنبياء وما أظهره الله تعالى على يد الأولياء من الكرامات والعلوم اللدنية فانكروها وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها اى تكبروا عن قبولها والايمان بها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ اى أبواب سماء القلوب الى الحضرة وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ اى جنة القربة والوصلة حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ اى جمل النفس المتكبرة فِي سَمِّ الْخِياطِ وهو مدخل الطريقة التي بها تربى النفوس الامارة وتزكى لتصير مطمئنة فتستحق بها خطاب ارجعي الى ربك. فالمعنى ان النفس المتكبرة لما صارت كالجمل لتكبرها لا تصلح لدخول جنة الحقيقة الا بعد تزكيتها باحكام الشريعة وآداب الطريقة حتى تصير بالتربية فى ازالة الصفات الذميمة وقطع تعلقات ما سوى الله تعالى أدق من الشعر بألف مرة فيلج فى سم خياط الفناء فيدخل الجنة جنة البقاء فافهم جدا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ الذي أجرموا على أنفسهم الضعيفة اللطيفة حتى صارت من الأوزار كالجمل بان نجعل لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ المجاهدة والرياضة فراشا وهو