للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنزيها له عن الإشراك به فى العبادة والطاعة يُرِيدُونَ اى يريد اهل الكتابين أَنْ يُطْفِؤُا يخمدوا نُورَ اللَّهِ اى يردوا القرآن ويكذبوه فيما نطق به من التوحيد والتنزه عن الشرك والأولاد والشرائع التي من جملتها ما خالفوه من امر الحل والحرمة بِأَفْواهِهِمْ بأقاويلهم الباطلة الخارجة منها من غير ان يكون لها مصداق تنطبق عليه واصل تستند اليه حسبما حكى عنهم وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ انما صح الاستثناء المفرغ من الموجب لكونه بمعنى النفي اى لا يريد الله شيأ من الأشياء الا إتمام نوره بإعلاء كلمة التوحيد وإعزاز دين الإسلام وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ جواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدرة كلتاهما فى موقع الحال اى لا يريد الله الا إتمام نوره ولو لم يكره الكافرون ذلك بل ولو كرهوا اى على كل حال مفروض وقد حذفت الاولى فى الباب حذفا مطردا لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لان الشيء إذا تحقق عند المانع فلان يتحقق عند عدمه اولى

چراغى را كه ايزد بر فروزد ... كسى كش پف كند سبلت بسوزد

هُوَ الَّذِي اى الذي لا يريد شيأ الا إتمام نوره ودينه هو الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ملتبسا بِالْهُدى اى القرآن الذي هو هدى للمتقين وَدِينِ الْحَقِّ اى الدين الحق وهو دين الإسلام لِيُظْهِرَهُ اى ليغلب الرسول عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى على اهل الأديان كلهم فالمضاف محذوف او ليظهر الدين الحق على سائر الأديان بنسخه إياها حسبما تقتضيه الحكمة واللام فى ليظهره لاثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليله. فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ذلك الإظهار ووصفهم بالشرك بعد وصفهم بالكفر للدلالة على انهم ضموا الكفر بالرسول الى الكفر بالله قال ابن الشيخ وغلبة دين الحق على سائر الأديان تكون على التزايد ابدا وتتم عند نزول عيسى عليه السلام لما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى نزول عيسى ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الإسلام وقيل ذلك عند خروج المهدى فانه حينئذ لا يبقى أحد إلا دخل فى الإسلام والتزم أداء الخراج وفى الحديث (لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا الا إدبارا ولا الناس الا شحا ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس ولا مهدى الا عيسى بن مريم) ومعناه لا يكون أحد صاحب المهدى الا عيسى بن مريم فانه ينزل لنصرته وصحبته والمهدى الذي من عترة النبي عليه السلام امام عادل ليس بنبي ولا رسول والفرق بينهما ان عيسى هو المهدى المرسل الموحى اليه والمهدى ليس بنبي موحى اليه وايضا ان عيسى خاتم الولاية المطلقة والمهدى خاتم الخلافة المطلقة وكل منهما يخدم هذا الدين الذي هو خير الأديان وأحبها الى الله تعالى وعن بعض الروم قال كان سبب إسلامي انه غزانا المسلمون فكنت أساير جيشهم فوجدت غزاة فى الساقة فاسرت نحو عشرة نفر وحملتهم على البغال بعد ان قيدتهم وجعلت مع كل واحد منهم رجلا موكلابه فرأيت فى بعض الأيام رجلا من الأسرى يصلى فقلت للموكل به

<<  <  ج: ص:  >  >>