هو دين الله وطريقه الى رضاه وجنته وفى التأويلات النجمية اخبر عن سيرة هذه الدواب التي خلقت من الماء فقال (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) يعنى سيرته فى مشيه ان يضيع عمره فى تحصيل شهوات بطنه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) اى يضيع عمره فى تحصيل شهوات فرجه فان كل حيوان إذا قصد قضاء شهوته يمشى على رجلين عند المباشرة وان كان له اربع قوائم وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ اى يضيع عمره فى طلب الجاه لان اكثر طالبى الجاه يمشى راكبا على مركوب له اربع قوائم كالخيل والبغال والحمير كما قال تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) من انواع المخلوقات على مقتضى حكمته ومشيئته الازلية لما يشاء كما يشاء إظهارا للقدرة ليعلم ان الله على خلق كل نوع من انواع المخلوقات والمقدورات قادر- ومن اخبار الرشيد- انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) اى أنزلنا القرآن مبينات آياته ما خلقنا من كل نوع من انواع الإنسان المذكورة اوصافهم ولكنهم لو وكلوا الى ما جبلوا عليه لما كانوا يهتدون الا الى هذه الأوصاف التي جبلوا عليها ولا يهتدون الى صراط مستقيم هو صراط الله بإرادتهم ومشيئتهم (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يصل به الى الحضرة بمشيئة الله وإرادته الازلية نسأل الله الهداية الى سواء الطريق والتوفيق لجادة التحقيق وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ نزلت فى بشر المنافق خاصم يهوديا فى ارض فدعاه الى كعب بن الأشرف من أحبار اليهود ودعاه اليهودي الى النبي عليه الصلاة والسلام فصيغة الجمع للايذان بان للقائل طائفة يساعدونه ويتابعونه فى تلك المقالة كما يقال بنوا فلان قتلوا فلانا والقاتل منهم واحد وَأَطَعْنا اى أطعناهما فى الأمر والنهى والاطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير لانها الانقياد وهو لا يتصور الا بعد الأمر بخلاف العبادة وغيرها ثُمَّ يَتَوَلَّى يعرض عن قبول حكمه قال الامام الراغب تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى اقرب المواضع وإذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك القرب فان الولي القرب والتولي قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار وثم يجوز ان يكون للتراخى الزمانى وان يكون لاستبعاد امر التولي عن قولهم آمنا واطعنا فَرِيقٌ مِنْهُمْ اى من القائلين قال فى المفردات الفرق القطعة المنفصلة ومنه الفرقة للجماعة المنفردة من الناس والفريق الجماعة المنفردة عن آخرين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ القول المذكور وَما أُولئِكَ اشارة الى القائلين فان نفى الايمان عنهم مقتض لنفيه عن الفريق المتولى بخلاف العكس اى وما أولئك الذين يدعون الايمان والاطاعة ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم فى الاعتقاد والعمل بِالْمُؤْمِنِينَ حقيقة كما يعرب عنه اللام اى ليسوا بالمؤمنين المعهودين بالإخلاص فى الايمان والثبات عليه وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ اى الرسول