من أخبرك عنى هذا تعنى افشاءها للحديث ظنت أن عائشة أخبرته وفيه تعجب واستبعاد من اخبار عائشة بذلك لانها أوصتها بالكتم ولم يقل من نبأك ليوافق ما قبله للتفنن قالَ النبي عليه السلام نَبَّأَنِيَ بفتح ياء المتكلم الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ الذي لا يخفى عليه حافية فسكتت وسلمت ونبأ ايضا من قبيل التفنن يقال ان انبأ ونبأ يتعديان الى مفعولين الى الاول بنفسهما والى الثاني بالباء وقد يحذف الاول للعلم به وقد يحذف الجار ويتعدى الفعل الى الثاني بنفسه ايضا فقوله تعالى فلما نبأها به على الاستعمال الاول وقوله فلما نبأت به على الاستعمال الثاني وقوله من أنباك على الاستعمال الثالث وقوله العليم هو ولعالم والعلام من أسمائه سبحانه ومن أدب من علم انه سبحانه عالم بكل شىء حتى بخطرات الضمائر ووساوس الخواطر أن يستحيى منه ويكف عن معاصيه ولا يغتر بجميل ستره ويحشى بغتات قهره ومفاجأة مكره وعن بعضهم انه قال كنت جائعا فقلت لبعض معارفى انى جائع فلم يطعمنى شيأ فمضيت فوجدت درهما ملقى فى الطريق فرفعته فاذا عليه متكوب اما كان الله عالما بجوعك حتى طلبت من غيره والخبير بمعنى العليم وقال الامام الغزالي قدس سره إذا اعتبر العلم المطلق فهو العليم مطلقا وإذا أضيف الى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير وإذا أضيف الى الأمور الظاهرة فهو الشهيد وإذا علم العبد انه تعالى خبير بأفعاله مطلع على سره علم انه تعالى احصى عليه جميع ما عمله او أخفى فى عمله وان كان هو قد نسيه فيخچل حجلا يكاد يهلكه (حكى) ان رجلا تفكر يوما فقال عمرى كذا كذا سنة يكون كذا كذا شهرا يكون منها كذا كذا يوما فبلغ عمره من الأيام ألوفا كثيرة فقال لو لم اعص الله كل يوم الا معصية واحدة لكان فى ديوان عملى كذا كذا ألف معصية وانى فى كل يوم عملت كثيرا من المعاصي ثم صاح وفارق الدنيا (يقول الفقير)
. مذنبم كرچهـ ولى رب غفوريم كرست ... بمن افتاده دهد از كرمش شايد دست
إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ خطاب لحفصة وعائشة رضى الله عنهما فالالتفات من الغيبة الى الخطاب للمبالغة فى الخطاب لكن العتاب يكون للاولياء كما ان العقاب يكون للاعداء كما قيل
إذا ذهب العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقي العتاب
ففيه ارادة خير لحفصة وعائشة بارشادهما الى ما هو أوضح لهما فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما الفاء للتعليل كما فى قولك اعبد ربك فالعبادة حق والا فالجزاء يجب أن يكون مرتبا على الشرط مسببا عنه وصغو قلبيهما كان سابقا على الشرط وكذا الكلام فى وان تظاهرا إلخ والمعنى فقد وجد منكما ما يوجب التوبة من ميل قلوبكما عما يجب عليكما من مخالصة رسول الله وحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه من صغا يصغو صغوا مال وأصغى اليه مال بسمعه قال الشاعر
تصغى القلوب الى أعر مبارك ... من آل عباس بن عبد المطلب
وجمع القلوب لئلا يجمع بين تثنيتين فى كلمة فرارا من اجتماع المتجانسين وربما جمع وَإِنْ