للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث ان اختبار الله تعالى تارة بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا فصارت المحنة والمنحة جميعا بلاء فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر فصارت المنحة أعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى الله عنه «بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نشكر» ولهذا قال امير المؤمنين رضى الله عنه «من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله» وإذا قيل ابتلى فلانا بكذا وبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذ كان الله علام الغيوب وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ لا الى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فنجازيكم على ما وجد منكم من الخير والشر فهو وعد ووعيد وفيه ايماء الى ان المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاء والتعرض للثواب والعقاب واعلم ان المجازاة لا تسعها دار التكليف فلا بد من دار اخرى لا يصار إليها الا بالموت والنشور فلا بد لكل نفس من ان تموت ثم تبعث قال بعضهم فائدة حالة المفارقة رفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام وفائدة حالة الاعادة حصول التنعمات الاخروية التي أعدت لعباد الله الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ الى انا نبلوكم بالمكروهات التي تسمونها شرا وهى الخوف والجوع والنقص من الأموال والأنفس والثمرات وان فيها موت النفس وحياة القلب ونبلوكم بالمحبوبات التي تسمونها الخير وهى الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وفيها حياة النفس وموت القلب وكلتا الحالتين ابتلاء فمن صبر على موت النفس عن صفاتها بالمكروهات وعن الشهوات فله البشارة بحياة القلب واطمئنان النفس وله استحقاق الرجوع الى ربه بجذبة ارجعي الى ربك باللطف كما قال وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ فبصير ما يحسبه شرا خيرا كما قال له تعالى وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ومن لم يصبر على المكروهات وعن الشهوات المحبوبات ولم يشكر عليها بأداء حقوق الله فيها فله العذاب الشديد من كفران النعمة ويصير ما يحسبه خيرا شرا له كما قال تعالى وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ فيرجع الى الله بالقهر فى السلاسل والاغلال انتهى فعلى العاقل الصبر على الفقر ونحوه مما يعد مكروها عند النفس: قال الحافظ

درين بازار كر سوديست با درويش خرسندست ... الهى منعمم گردان بدرويشى وخرسندى

وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى المشركون نزلت حين مر النبي عليه السلام بابى جهل فضحك وقال لمن معه من صناديد العرب هذا نبى عبد مناف كالمستهزئ به إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً الهزؤ مزح فى خفية اى لا يفعلون بك الا اتخاذك مهزوا به: يعنى [كسى كه با او استهزاء كنند مراد آنست كه ايشان ترا با استهزاء پيغمبر خوانند] على معنى قصر معاملتهم معه على اتخاذهم إياه هزؤا لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هزؤا كما هو المتبادر أَهذَا الَّذِي على ارادة القول: يعنى] با يكديكر كفتند اين كس است كه پيوسته] يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>