لان فى الزنى يهلك الولد الصوري لبقائه بلا والد وفى الإفساد يهلك الولد المعنوي لبقائه بلا فيض وفساد المعنى أشد من فساد الصورة ففى الآية اشارة الى حال ارباب الإلحاد والدعوى مع من يتبعهم ممن لا يفرق بين الفساد والصلاح والبقاء والهلاك اللهم اجعلنا من الثابتين على الطريق القويم وَلَقَدْ أَرْسَلْنا للدعوة الى التوحيد وطريق الحق من قبل ارسالنا إياك يا محمد نُوحاً واسمه عبد الغفار كما ذكره السهيلي رحمه الله فى كتاب التعريف والشاكر كما ذكره ابو الليث فى البستان. وسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله ولد بعد مضى الف وستمائة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وبعث عند الأربعين إِلى قَوْمِهِ وهم اهل الدنيا كلها. والفرق بين عموم رسالته وبين عموم رسالة نبينا عليه السلام ان نبينا عليه السلام مبعوث الى من فى زمانه والى من بعده الى يوم القيامة بخلاف نوح فانه مرسل الى جميع اهل الأرض فى زمانه لا بعده كما فى انسان العيون وهو أول نبى بعث الى عبدة الأصنام لان عبادة الأصنام أول ما حدثت فى قومه فارسله الله إليهم ينهاهم عن ذلك وايضا أول نبى بعث الى الأقارب والأجانب واما آدم فاول رسول الله الى أولاده بالايمان به وتعليم شرائعه وهو اى نوح عليه السلام أبونا الأصغر وقبره بكرك بالفتح من ارض الشام كما فى فتح الرحمن فَلَبِثَ فِيهِمْ بعد الإرسال ولبث بالمكان اقام به ملازما له أَلْفَ سَنَةٍ الالف العدد المخصوص سمى بذلك لكون الاعداد فيه مؤلفة فان الاعداد اربعة آحاد وعشرات ومئون وألوف فاذا بلغ الالف فقد ائتلف وما بعده ويكون مكررا قال بعضهم الالف من ذلك لانه مبدأ النظام والسنة أصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا اى عاملته سنة فسنة وقيل أصلها من الواو لقولهم سنوات والهاء للوقف إِلَّا خَمْسِينَ عاماً العام كالسنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء وفى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة وهى ان نوحا عاش بعد إغراق قومه ستين سنة فى طيب زمان وصفاء عيش وراحة بال وقيل سمى السنة عاما لعوم الشمس فى جميع بروجها والعوم السباحة ويدل على معنى العوم قوله تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) . ومعنى الآية فلبث بين أظهرهم تسعمائة وخمسين عاما يخوفهم من عذاب الله ولا يلتفتون اليه وانما ذكر الالف تخييلا لطول المدة الى السامع اى ليكون افخم فى اذنه ثم اخرج منها الخمسون إيضاحا لمجموع العدد فان المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتثبيته على ما يكابد من الكفرة: يعنى [إيراد قصه نوح بجهت تسليه سيد أنام است وتثبيت بر كشيدن أذى از قوم وتهديد يكزبان بذكر طوفان يعنى نوح نهصد و پنجاه سال جفاى قوم كشيد وهمچنان دعوت ميفرمود وكسى نمى كرويد] الا القليل الذين ذكرهم فى قوله (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) فاذن له فى الدعاء فدعا عليهم بالهلاك فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ اى عقيب تمام المدة المذكورة فغرق من فى الدنيا كلها من الكفار. والطوفان يطلق على كل ما يطوف بالشيء ويحيط به على كثرة وشدة وغلبة من السيل والريح والظلام والقتل والموت والطاعون والجدري والحصبة والمجاعة وقد