للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفت انك ترفع مع النبيين وان ادخلت الجنة كنت فى منزل دون منزلتك وان لم ادخل فذاك حين لا أراك ابدا فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسى بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب اليه من نفسه وأبويه واهله وولده والناس أجمعين) فَأُولئِكَ اشارة الى المطيعين مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اى أتم الله عليهم النعمة وهذا ترغيب للمؤمنين فى الطاعة حيث وعدوا مرافقة اقرب عباد الى الله وأرفعهم درجات عنده مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للمنعم عليهم وهم الفائزون بكمال العلم والعمل المتجاوزون حد الكمال الى درجة التكميل وَالصِّدِّيقِينَ المبالغين فى الصدق والإخلاص فى الأقوال والافعال الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقى النظر فى الحجج والآيات واخرى بمعارج التصفية والرياضات الى اوج العرفان حتى اطلعوا على الأشياء وأخبروا عنها على ما هى عليها وَالشُّهَداءِ الذين ادى بهم الحرص على الطاعة والجد فى اظهار الحق حتى بذلوا مهجهم فى إعلاء كلمة الله وَالصَّالِحِينَ الذين صرفوا أعمارهم فى طاعته وأموالهم فى مرضاته وليس المراد بالمعية الاتحاد فى الدرجة لان التساوي بين الفاضل والمفضول لا يجوز ولا مطلق الاشتراك فى دخول الجنة بل كونهم فيها بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وزيارته متى أراد وان بعد ما بينهما من المسافة وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فى معنى التعجب كأنه قيل وما احسن أولئك رفيقا اى النبيين ومن بعدهم ورفيقا تمييز وافراده لما انه كالصديق والخليط والرسول يستوى فيه الواحد والمتعدد والرفيق الصاحب مأخوذ من الرفق وهو لين الجانب واللطافة فى المعاشرة قولا وفعلا ذلِكَ الْفَضْلُ مبتدأ والفضل صفته وهو اشارة الى ما للمطيعين من عظيم الاجر ومزيد الهداية ومرافقة هؤلاء المنعم عليهم مِنَ اللَّهِ خبره اى لا من غيره وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً بجزاء من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق اهله. وهذه الآية عامة فى جميع المكلفين إذ خصوص السبب لا يقدح فى عموم اللفظ فكل من أطاع الله وأطاع الرسول فقد فاز بالدرجات والمراتب الشريفة عند الله تعالى- روى- عن بعض الصالحين انه قال أخذتني ذات ليلة سنة فنمت فرأيت فى منامى كأن القيامة قد قامت وكأن الناس يحاسبون فقوم يمضى بهم الى الجنة وقوم يمضى بهم الى النار قال فاتيت الجنة فناديت يا اهل الجنة بماذا نلتم سكنى الجنان فى محل الرضوان فقالوا لى بطاعة الرحمان ومخالفة الشيطان ثم أتيت باب النار فناديت يا اهل النار بماذا نلتم النار قالوا بطاعة الشيطان ومخالفة الرحمان

كجا سر بر آريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ

نظر دوست تا در كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من ابى) قيل ومن ابى قال (من أطاعني دخل الجنة ومن عصانى فقد ابى) فعلى المرء ان يتبع الرسول ويتبع اولياء الله فان الأنبياء لهم وحي الهى والأولياء لهم الهام ربانى والاتباع لهم لا يخلو عن الاتباع للرسول قال عليه السلام (المرء مع من أحب) فان أحب الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين كان معهم فى الجنة. وفى الآية تنبيه على انه ينبغى للعبد ان لا يتأخر من مرتبة الصلاح بل يسعى فى تكميل الصلاح ثم يترقى الى مرتبة الشهادة ثم الى الصديقة وليس بين النبوة وبين الصديقية

<<  <  ج: ص:  >  >>