أصولهم من موجبات العبادة كخلق أنفسهم وفيه دلالة على شمول القدرة وتنبيه من سنة الغفلة اى انهم كانوا فمضوا وجاؤا وانقضوا فلا تنسوا مصيركم ولا تستجيزوا تقصيركم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ حال من ضمير اعبدوا اى راجين ان تدخلوا في سلك المتقين الفائزين بالهدى والفلاح المستوجبين لجوار الله تعالى ولعل للترجى والاطماع وهي من الله تعالى واجب لان الكريم لا يطمع الا فيما يفعل والأولون والآخرون مخاطبون بالأمر بالتقوى وخص المخاطبين بالذكر تغليبا لهم على الغائبين كما في الكواشي وفيه تنبيه على ان التقوى منتهى درجة السالكين وهو التبري من كل شىء سوى الله تعالى وان العابد ينبغى ان لا يغتر بعبادته ويكون ذا خوف ورجاء كما قال تعالى يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ قال السعدي قدس سره
اگر مردى از مردئ خود مكوى ... نه هر شهسوارى بدر برد كوى
يعنى ليس كل عابد يخلص إيمانه بسبب عبادته الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ صفة ثانية لربكم قال اهل اللغة الأرض بساط العالم وبسيطها من حيث يحيط بها البحر الذي هو البحر المحيط اربعة وعشرون الف فرسخ كل فرسخ ثلاثة أميال وهو اثنا عشر الف ذراع بالذراع المرسلة وكل ذراع ست وثلاثون إصبعا كل إصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها الى بعض فللسودان اثنا عشر الف فرسخ وللبيضان ثمانية وللفرس ثلاثة وللعرب الف كذا فى كتاب الملكوت وسمت وسط الأرض المسكونة حضرة الكعبة واما وسط الأرض كلها عامرها وخرابها فهو الموضع الذي يسمى قبة الأرض وهو مكان يعتدل فيه الأزمان في الحر والبرد ويستوى الليل والنهار ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر كما في الملكوت وروى عن على كرم الله وجهه انه قال انما سميت الأرض أرضا لانها تتأرض ما في بطنها يعنى تأكل ما فيها وقال بعضهم لانها تتأرض بالحوافر والاقدام فِراشاً ومعنى جعلها فراشا جعل بعضها بارزا من الماء مع اقتضاء طبعها الرسوب وجعلها متوسطة بين الصلابة واللين صالحة للقعود عليها والنوم فيها كالبساط المفروش وليس من ضرورة ذلك كونها سطحا حقيقيا وهو الذي له طول وعرض فان كرية شكلها مع عظم جرمها مصححة لافتراشها وَجعل السَّماءَ وهو ما علاك واظلك بِناءً قبة مضروبة عليكم وكل سماء مطبقة على الاخرى مثل القبة والسماء الدنيا ملتزقة أطرافها على الأرض كما في تفسير ابى الليث وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً اى مطرا ينحدر منها على السحاب ومنه على الأرض وهو رد لزعم انه يأخذه من البحر فَأَخْرَجَ بِهِ اى أنبت الله بسبب الماء الذي انزل من السماء مِنَ الثَّمَراتِ
هى هاهنا المأكولات كلها من الحبوب والفواكه وغيرها مما يخرج من الأرض والشجر كما فى التيسير رِزْقاً لَكُمْ وذلك بان أودع في الماء قوة فاعلية وفي الأرض قوة منفعلة فتولد من تفاعلهما اصناف الثمار فبين المظلة والمقلة شبه عقد النكاح بانزال الماء منها عليها والإخراج به من بطنها أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبنى آدم ومن للبيان ورزقا اى طعاما وعلفا لكم ولدوابكم والمعنى ان الله تعالى أنعم عليكم بذلك كله لتعرفوه بالخالقية