باليسرى مجاز باعتبار كونها مؤدية الى اليسرى وفيه اشارة الى أن من طهر نفسه بالطاعة بالإقبال على الله والاعراض عن الدنيا واتقى فى عين تلك الطاعة عن نسبتها الى نفسه وصدق فى باطنه بالكلمة الحسنى فسنيسره للخصلة اليسرى وهى الوصول الى حضرتنا العليا وسرادقاتنا الكبرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ اى بماله فلم يبذله فى سبيل الخير والبخل إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه ويقابله الجود وَاسْتَغْنى زهد فيما عنده تعالى اى لم يرغب كأنه مستغن عنه فلم يتق او استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة فلم يتق فيكون الاستغناء مستتبعا لعدم الاتقاء الذي هو مقابل الاتقاء فى الآية الاولى وبه يحصل التقابل بينهما وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى اى ما ذكر من المعاني المتلازمة فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اى فسنهيئه للخصلة المؤدية الى العسر والشدة كدخول النار ومقدماته لاختياره لها وبالفارسية پس مهيا كردانيم مرورا براى صفتى كه مؤدى بدشوارى ومحنت بود يعنى كردارى كه او را بدوزخ برد. ولعل تصدير القسمين بالإعطاء والبخل مع أن كلا منهما ادنى رتبة مما بعدهما فى استتباع التيسير لليسرى والتيسر للعسرى للايذان بان كلا منهما اصيل فيما ذكر لانتمة لما بعدهما من التصديق والتقوى والتكذيب والاستغناء والظاهر أن السين للدلالة على الجزاء الموعود بمقابلة الطاعة والمعصية وهو يكون فى الآخرة التي هى امر متراخ منتظر فادخلت السين وهى حرف التراخي ليدل بذلك على أن الوعد آجل غير حاضر كذا فى بعض التفاسير وفيه اشارة الى أن من بخل فى نفسه بالطاعة والعبادة الروحية والسرية والقلبية واستغنى عن الإقبال علينا وكذب بالحسنى التي أعطيناها إياه من سلامة الأعضاء والجوارح والجاه والمال فسنيسره للعسرى وهى البعد عنا والطرد واللعن ودخول نار الحجاب وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ اى شيأ من العذاب فالمفعول محذوف او اى شىء يغنى عنه ماله الذي يبخل به اى لا يغنى شيأ فما مفعول يغنى والاستفهام للانكار إِذا تَرَدَّى اى هلك ومات تفعل من الردى للمبالغة والردى كالعصا وهو الهلاك قال الراغب الردى الهلاك والتردي التعرض للهلاك انتهى او تردى وسقط فى الحفرة إذا قبر او تردى فى قعر جهنم فالمال الذي ينتفع به الإنسان فى الآخرة وقت حاجته هو الذي اعطى حقوقه وقدمه دون الذي بخل به وتركه لوارثه وفيه اشارة الى أنه إذا تردى وتصدى لمخالفتنا وموافقته الطبيعة البشرية اى شىء له يخلصه من غضبنا وقهرنا عند نجلينا له بصورة القهر والنقمة إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى استئناف مقرر لما قبله اى ان علينا بموجب قضائنا المبنى على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة ان نبين لهم طريق الهدى وما يؤدى اليه من طريق الضلال وما يؤدى اليه وقد فعلنا ذلك بما لا مزيد عليه حيث بينا حال من سلك كلا الطريقين ترغيبا وترهيبا ومن هنا تبين أن الهداية هى الدلالة على ما يوصل الى البغية لا الدلالة الموصلة إليها قطعا وان المراد بالوجوب المفهوم من على الوجوب بموجب القضاء ومقتضى الحكمة فلا تكون الآية بظاهرها دليلا على وجوب الأصلح عليه تعالى كما يزعم المعتزلة قال القاشاني ان علينا للهدى بالإرشاد إلينا بنور العقل والحس والجمع بين الادلة العقلية