للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيمٌ يعلم مضمون ضمائركم ومكنون سرائركم فيجازيكم على حسن معاملتكم بقدر خلوصكم وصفاء نياتكم وصدق طوياتكم فطوبى لمن صفى قلبه عن سفساف الأخلاق وعزم الى عالم السر والإطلاق واحسن المعاملة مع الله في جميع الحالات ووصل الى الدرجات العاليات

حقائق سراييست آراسته ... هوا وهوس گرد برخاسته

نه بينى كه جايى كه برخاست گرد ... نه بيند نظر گر چهـ بيناست مرد

يعنى ان عالم الغيب كالبيت المزين والهوى كالنقع المثار فما دام لم يترك المرء هواه لا يرى ما يهواه فان الحجاب إذا توسط بين الرائي والمرئي يمنع من الرؤية فارفع الموانع من البين وتشرف بوصول العين وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ اى مسافرين اى متوجهين اليه ومقبلين وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فى المداينة بان لا يحسن الكتابة او لا توجد الصحيفة او الدواة والقلم ولم يتعرض لحال الشاهد لما انه في حكم الكاتب توثقا واعوازا فَرِهانٌ جمع رهن اى فالتوثق رهن مَقْبُوضَةٌ اى مسلمة الى المرتهن ولا بد من القبض حتى لو رهن ولم يسلم لا يجبر الراهن على التسليم وانما شرط السفر في الارتهان مع ان الارتهان لا يختص به سفر دون حضر لان السفر لما كان مظنة عدم الكتب باعواز الكاتب والشاهد امر بالارتهان ليقوم مقامهما تأكيدا وتوثيقا لحفظ المال فالكلام خرج على الأعم الأغلب لا على سبيل الشرط وقدر رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه في المدينة من يهودى بعشرين صاعا من شعير واخذه لاهله فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى بعض الدائنين بعض المديونين لحسن ظنه به واستغنى بامانته عن الارتهان فلم يطلب منه الرهن فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ وهو المديون والائتمان الوثوق بامانة الرجل وانما عبر عنه بذلك العنوان لتعينه طريقا للاعلام ولحمله على الأداء أَمانَتَهُ اى فليقض المطلوب الامين ما في ذمته من الدين من غير رهن منه وسمى الدين امانة لتعلقه بالذمة كتعلق الامانة وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ فى رعاية حقوق الامانة وأداء الدين من غير مطل وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ايها الشهود إذا دعيتم الى الحاكم لادائها على وجهها وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ فاعل آثم كأنه قيل فانه يأثم قلبه فان قلت هلا اقتصر على قوله فانه آثم وما فائدة ذكر القلب والجملة هي الآثمة لا القلب وحده قلت كتمان الشهادة هو ان يضمرها ولا يتكلم بها فلما كان الإثم مقترفا بالقلب أسند اليه لان اسناد الفعل الى الجارحة التي يعمل بها ابلغ الأتراك تقول إذا أردت التوكيد هذا مما أبصرته عينى ومما سمعته اذنى ومما عرفه قلبى ولان القلب هو رأس الأعضاء والمضغة التي ان صلحت صلح الجسد كله وان فسدت فسد الجسد كله فكأنه قيل فقد تمكن الإثم في اصل نفسه وملك اشرف مكان منه ولئلا يظن ان كتمان الشهادة من الآثام المتعلقة باللسان فقط وليعلم ان القلب اصل متعلقه ومعدن اقترافه واللسان ترجمان عنه ولان افعال القلوب أعظم من افعال سائر الجوارح وهي لها كالاصول التي تتشعب منها ألا ترى ان اصل الحسنات والسيئات الايمان والكفر وهما من افعال القلوب فاذا جعل كتمان الشهادة من آثام القلوب فقد شهد له بانه من معاظم الذنوب وعن ابن عباس رضى الله عنهما اكبر الكبائر الإشراك بالله لقوله تعالى فقد حرم الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>