للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الآية دليل على نفى الرؤية بل فيها إثباتها وذلك ان موسى عليه السلام لما سأله السبعون لم ينههم عن ذلك وكذلك سأل هو ربه الرؤية فلم ينهه عن ذلك بل قال فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي وهذا تعليق بما يتصور قال بعض العلماء الحكماء الحكمة في ان الله تعالى لا يرى فى الدنيا وجوه الاول ان الدنيا دار أعدائه لان الدنيا جنة الكافر الثاني لو رآه المؤمن لقال الكافر لو رأيته لعبدته ولو رأوه جميعا لم يكن لاحدهما مزية على الآخر الثالث ان المحبة على غيب ليست كالمحبة على عين الرابع ان الدنيا محل المعيشة ولو رآه الخلق لاشتغلوا عن معائشهم فتعطلت الخامس انه جعلها بالبصيرة دون البصر ليرى الملائكة صفاء قلوب المؤمنين السادس ليقدر قدرها إذ كل ممنوع عزيز السابع انما منعها رحمة بالعباد لما جبلوا عليه في هذه الدار من الغيرة إذ لو رآه أحد تصدع قلبه من رؤية غيره إياه كما تصدع الجبل غيرة من ان يرآه موسى والاشارة في الآية ان مطالبة الرؤية جهرة هي تعرض مطالبة الذات غفلة فيوجب سوء الأدب وترك الحرمة وذلك من امارات البعد والشقاوة فمن سطوات العظمة والعزة اخذتهم الرجفة والصعقة إظهارا للعدل ثم أفاض عليهم سجال النعم اسبالا للسر على هيآت العبيد والخدم وقال ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إظهارا للفضل ومن علامات الوصلة ودلالات السعادة التولي بمكاشفات العزة مقرونا بملاطفات القربة فمن أصلح حاله لم يطلق لسان الجهل بل اتى البيت من بابه ويتأدب في سؤاله وجوابه: قال في المثنوى پيش بينايان كنى ترك ادب نار شهوت را از ان كشتى حطب چون ندارى فطنت ونور هدا بهر كوران روى را ميزن جلا ولا بد من قتل النفس الامارة حتى تحكم في عالم الحقيقة بما شئت قال القشيري التوبة بقتل النفوس غير منسوخة في هذه الامة الا ان بنى إسرائيل كان لهم قتل أنفسهم جهرا وهذه الامة توبتهم بقتل أنفسهم في أنفسهم سرا وأول قدم هو القصد الى الله والخروج من النفس لله قال ولقد توهم الناس ان توبة بنى إسرائيل كانت أشق وليس كما توهموا فان ذلك كان مرة واحدة واهل الخصوص من هذه الامة قتلهم أنفسهم في كل لحظة كما قيل

ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء

وفي المثنوى

قوت از حق خواهم وتوفيق ولاف ... تا بسوزن بر كنم اين كوه قاف

سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند

وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ هذا هو الانعام السابع اى جعلنا الغمام ظلة عليكم يا بنى إسرائيل وهذا جرى في التيه بين مصر والشام فانهم حين خرجوا من مصر وجاوزوا البحر وقعوا فى صحراء لا ابنية فيها أمرهم الله تعالى بدخول مدينة الجبارين وقتالهم فقبلوا فلما قربوا منها سمعوا بان أهلها جبارون أشداء قامة أحدهم سبعمائة ذراع ونحوها فامتنعوا وقالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون فعاقبهم الله بان يتيهوا في الأرض أربعين سنة وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>