فى فقدان ما سواه ومن وجده يرضى به ويقول سيؤتينا الله من فضله ما نحتاج اليه فى كمال الدين ونظام الدنيا انا الى الله راغبون لا الى الدنيا والعقبى وما فيهما غير المولى- روى- ان عيسى عليه السلام مر بقوم يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الرغبة فى ثواب الله فقال أصبتم ومر على قوم آخرين يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الخوف من عقاب الله تعالى فقال أصبتم ومر على قوم ثالث مشتغلين بذكر الله فسألهم عن سببه فقالوا لا نذكره للخوف من العقاب ولا للرغبة فى الثواب بل لاظهار ذلة العبودية وعزة الربوبية وتشريف القلب بمعرفته وتشريف اللسان بالألفاظ الدالة على صفات قدسه وعزته فقال أنتم المتحققون وفى هذا المعنى: قال الحافظ
پدرم روضه جنت بدو كندم بفروخت ... نا خلف باشم اگر من بجوى نفروشم
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ اى جنس الزكوات المشتملة على الأنواع المختلفة من النقدين وغيرهما سميت الزكاة صدقة لدلالتها على صدق العبد فى العبودية كما فى الكافي وذكر فى الأزاهير ان تركيبها يدل على قوة فى الشيء قولا وفعلا وسمى بها ما يتصدق به لان بقوته يرد البلاء وقيل لان أول عامل بعثه صلى الله عليه وسلم لجمع الزكاة رجل من بنى صدق بكسر الدال وهم قوم من كندة والنسبة إليهم صدقى بالفتح فاشتقت الصدقة من اسمهم لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ اى مخصوصة بهؤلاء الأصناف الثمانية الآتية لا تتجاوزهم الى غيرهم من المنافقين والفقير من له شىء دون نصاب والمسكين من لا شىء له وهو المروي عن ابى حنيفة وقيل بالعكس وفائدة الخلاف تظهر فى الوصية للفقير او المسكين وَالْعامِلِينَ عَلَيْها الساعي فى جمعها وتحصيلها فيعطى العامل مما فى يده من مال الزكاة بقدر عمله فقيرا كان او غنيا او هاشميا فلو ضاع ذلك المال لم يعط شيأ وكذا لو اعطى المالك بنفسه زكاته الى الامام لا يستحق العامل شيأ وفى التبيين لو استغرقت كفاية الزكاة لا يزاد على النصف لان التنصيف عين الانصاف وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وهم طائفة مخصوصة من العرب لهم قوة واتباع كثيرة منهم مسلم ومنهم كافر قد اعطوا من الصدقة تقريرا على الإسلام او تحريضا عليه او خوفا من شرهم وَفِي الرِّقابِ اى وللصرف فى فك الرقاب اى فى تخليصها من الرق بان يعان المكاتبون بشىء منها على أداء بدل كتابتهم لا للرقاب فان المكاتب لا يستحق المال ولا يملكه بل يملكه مولاه وكذا مال المديون يملكه الدائن فالعدول عن اللام للدلالة على ان استحقاق الاربعة الاخيرة ليس لذواتهم اى لكونهم مكاتبا ومديونا ومجاهدا ومسافرا حتى يتصرفوا فى الصدقة كيف شاؤا كالاربعة الاول بل لجهة استحقاقهم كفك الرقبة من الرق وتخليص الذمة من مطالبة من له الحق والاحتياج الى ما يتمكن به من الجهاد وقطع المسافة ووجه الدلالة ان فى قد تستعمل لبيان السبب كما يقال عذب فلان فى سرقة لقمة اى بسببها والمراد مكاتب غيره ولو غنيا فيعطى ما عجز عنه فيؤدى الى عنقه. والرقاب جمع رقبة وهى يعبر بها عن الجملة وتجعل اسما للمملوكة وَالْغارِمِينَ اى الذين تدينوا لانفسهم فى غير معصية إذا لم يكن لهم نصاب فاضل عن ديونهم والغارم والغريم وان كان يطلق كل واحد منهما على من له