وهبوطهن بالإرسال من غير مهلة وهى لعطف الصفة على الصفة إذ الموصوف متحد والنشر بمعنى البسط والعدول الى الواو فى الناشرات لانها غير المرسلات فالقسم الاول وصفهم الله بوصفين يتعقب أحدهما على الآخر والقسم الثاني وصفهم بثلاثة أوصاف كذلك والفرق الفصل والإلقاء هنا بمعنى الإيصال والانزال لا الطرح وذكرا بمعنى الوحى مفعول الملقيات وترتيب الإلقاء على ما قبله بالفاء ينبغى ان يكون لتأويله بارادة النشر والفرق وسيأتى تمامه اقسم الله بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره بنحو التدبير وإيصال الأرزاق بالتصرف فى الأمطار والرياح وكتابة اعمال العباد بالليل والنهار وقبض الأرواح فعصفهن فى مضيهن يعنى سخت رفتند. عصف الرياح مسارعة فى الامتثال بالأمر وبطوائف اخرى نشرن أجنحتهن فى الجو عند انحطاطهن بالوحى او نشرن الشرائع فى الأقطار اى فرقن واشعن او نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل اى احيين بما اوحين ففرقن بين الحق والباطل فألقين ذكرا الى الأنبياء عُذْراً لاهل الحق اى معذرة لهم فى الدنيا والآخرة لاتباعهم الحق أَوْ نُذْراً لاهل الباطل لعدم اتباعهم الحق وعذرا مصدر من عذر إذا محا الاساءة ونذرا اسم مصدر من انذر إذا خوف لا مصدر لانه لم يسمع فعل مصدرا من افعل وانتصابهما على البدلية من ذكرا قال ابن الشيخ ان كان الذكر المبدل منه بمعنى جميع الوحى يكون عذرا او نذرا بدل البعض من الكل فان ما يتعلق بمغفرة المطيعين وتخويف المعاندين بعض من جملة الوحى وان أريد بالذكر المبدل منه ما يتعلق بسعادة المؤمن وشقاوة الكافر خاصة يكون بدل الكل من الكل فان إلقاء ما يتعلق بسعادة المؤمن متحد بالذات مع إلقاء عذره ومحو إساءته وكذا إلقاء ما يتعلق بشقاوة الكافر متحد مع إلقاء إنذاره على كفره انتهى او انتهى او انتصابهما على العليه للصفات المذكورة او للاخيرة وحدها وهو الاولى بمعنى فاللاتى ألقين ذكرا لمحو ذنوب المعتذرين الى الله بالتوبة والاستغفار ولتخويف المبطلين المصرين وفى كشف الاسرار لاجل الاعذار من الله الى خلقه لئلا يكون لاحد حجة فيقول لما يأتنى رسول ولاجل إنذارهم من عذاب الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله عذرا او نذرا قال يقول الله يا ابن آدم انما امرضكم لا ذكركم وامحص به ذنوبكم واكفر به خطاياكم وربكم اعلم ان ذلك المرض يشتد عليكم وأنا فى ذلك معتذر إليكم قال بعضهم المعنى ورب المرسلات إلخ وفى الإرشاد لعل نقديم نشر الشرائع ونشر النفوس والفرق على الإلقاء اى مع ان الظاهر ان الفرق بين الحق والباطل يكون مع النشر لا بعده وان إلقاء الذكر الى الأنبياء متقدم على نشر الشرائع فى الأرض واحياء النفوس الموتى والفرق بين الحق والباطل فلا يظهر التعقيب بينهما للايذان بكونها غاية للالقاء حقيقة بالاعتناء بها او للاشعار بأن كلا من الأوصاف المذكورة مستقل بالدلالة على استحقاق الطوائف الموصوفة بها للتفخيم والإجلال بالاقسام بهن ولو جيئ بها على ترتيب الوقوع لربما فهم ان مجموع الإلقاء والنشر والفرق هو الموجب لما ذكر من الاستحقاق هذا وقد قيل فى هذا المقام غير ذلك لكن الحمل على الملائكة