الكريم ان يشرفنا بفيضه العميم ويثبتنا على صراطه المستقيم لا يُسْئَلُ الله تعالى عَمَّا يَفْعَلُ ويحكم وَهُمْ اى العباد يُسْئَلُونَ عما يفعلون نقيرا وقطميرا والسؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة والاشارة فان قيل ما معنى السؤال بالنسبة الى الله تعالى قلنا تعريف للقوم وتبكيتهم لا تعريف لله تعالى فانه علام الغيوب فالسؤال كما يكون للاستعلام يكون للتبكيت وانما لا يسأل سؤال انكار ويجوز السؤال عنه على سبيل الاستكشاف والبيان كقوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وعلى سبيل التضرع والحاجة كقوله تعالى حكاية عن الكافر رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قال فى بحر العلوم انما لا يسأل عما يفعل لانه رب مالك علام لا نهاية لعلمه وكل من سواه مربوب مملوك جاهل لا يعلم شيأ الا بتعليم فليس للمملوك الجاهل ان يتعرض على سيده العليم بكل شىء فيما يفعل ويقول لم فعلت وهلا فعلت مثلا وهم يسألون لانهم مملوكان مستعبدون خطاؤن فيقال لهم فى كل شىء فعلوه لم فعلتم واعلم ان الاعتراض شؤم يسخط الرب ويوجب عقابه وسخطه: قال الحافظ
مزن ز چون و چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان كفت
وبشؤم الاعتراض على الله فى فعله لعن إبليس وكان من مردة الكافرين فانه تعالى لما امره بالسجود قال أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً وبشؤم الاعتراض فى شأن بنى آدم أصاب الملكين هاروت وماروت ما أصابهما فهذا بالاعتراض فى شأن المخلوق فكف بالاعتراض فى شأن الخالق وبالاعتراض على الله والتعمق فى الخوض فى صفاته هلك الهالكون من اهل الأهواء وارباب الآراء تعمقوا فيما لم يتعمق فيه اصحاب رسول الله والتابعون ومن تبعهم من اهل الحق وتكلفوا الخوض فيه فوقعوا فى الشبهات فضلوا وأضلوا ولو لم يتعمقوا لسلموا وقد اتفقت كلمة اهل الحق على ان الاعتراض على الله الملك الحق فى فعله وما يحدثه فى خلقه كفر فلا يجترئ عليه الا كافر وجاهل ضال وكذا الاعتراض على النبي عليه السلام فانه انما يقول عن الحق لا عن الهوى فالاعتراض عليه اعتراض على الحق وفيه الهلاك قال ابو هريرة رضى الله عنه سمعت رسول لله يقول (يا ايها الناس كتب عليكم الحج) فقام عكاشة بن محصر فقال أكل عام يا رسول الله فقال لو (قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتموها لضللتم اسكتوا عنى كما سكت عنكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) فانزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية ومن أشد التشنيع وأقبح الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض الغافلين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام من حيث قال (حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فقلت أما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد من عند الله ثم حصل لى هم وغم فرأيت النبي عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفيناك امره ثم سمعت انه قتل قال الفقهاء من غيره عليه السلام بالميل الى نسائه قاصدا به النقص يقتل قاتله الله تعالى يقول الفقير