وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تاب وآمن منهم وفى الآية اشارة الى ان الشيطان وهو المنظر الى يوم القيامة يبعث ليسوم الخلق سوء العذاب وهو الابعاد من القربة والإغراء فى الضلالة والاقعاد عن العبودية والإضلال عن الصراط المستقيم ان ربك لسريع العقاب يعاقبهم فى الدنيا ويملى لهم ليزدادوا اثما هذا عقوبة فى الدنيا وهى تورث العقوبة فى الآخرة وانه لغفور يغفر ذنوب من يرجع اليه ويتوب اى الأرواح والقلوب لو رجعت عن متابعة النفس وهواها وتابت الى الله واستغفرت لغفر لها لانه رحيم يرحم من تاب اليه وفيه معنى آخر انه لسريع العقاب اى يعاقب المؤمنين فى الدنيا بانواع البلاء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ويوفقهم الى الصبر على ذلك ليجعله كفارة لذنوبهم حتى إذا خرجوا من الدنيا خرجوا أنقياء لا يعذبون فى الآخرة وانه لغفور رحيم لهم فى الآخرة لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى فى وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال الآخر مالى أراك عابسا كانك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الى احسنكما ظنابى: قال السعدي
نه يوسف كه چندان بلا ديد وبند ... چوحكمش روان كشت وقدرش بلند
كنه عفو كرد آل يعقوب را ... كه معنى بود صورت خوب را
بكردار بدشان مقيد نكرد ... بضاعات مزجات شان رد نكرد
فينبغى للعاقل ان يحسن الظن بربه ولا يتكاسل فى باب العبادة فان السفينة لا تجرى على اليبس وعن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون المجنون فقلت كيف حالك وكيف أنت قال يا مالك كيف يكون حال من امسى وأصبح يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولازاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك قال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى لا يحسن فيه عمل أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدرى بعد ذلك أصير الى الجنة أم الى النار فسمعت منه كلام حكمة فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال وأنت اغتررت بما اغتر به بنوا إسرائيل زعم الناس انى مجنون وما بي جنة ولكن حب مولاى قد خالط قلبى واحشائى وجرى بين لحمى ودمى وعظامى فانا والله من حبه هائم مشغوف فقلت يا سعدون فلم تجالس الناس وتخالطهم فانشأ يقول
كن من الناس جانبا ... وارض بالله صاحبا
قلب الناس كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا
كذا فى روض الرياحين لليافعى وَقَطَّعْناهُمْ اى فرقنا بنى إسرائيل فِي الْأَرْضِ وجعلنا كل فرقة منهم فى قطر من أقطارها بحيث لا تخلو ناحية منها منهم تتميما لجزاء ادبارهم واعراضهم عن الحق حتى لا يكون لهم شوكة بالاجتماع ابدا أُمَماً حال من مفعول قطعناهم اى حال كونهم جماعات او مفعول ثان لقطعنا باعتبار تضمنه معنى صيرنا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ صفة لامما وهم المتدينون بدين موسى وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ تقديره ومنهم ناس دون ذلك