والتذكير الا عليه يثيبنى به آمنتم او توليتم وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ممن اسلم وجهه لله فلا يأخذ على تعليم الدين شيأ. وايضا ان المتعين لخدمة لا يجوز له ان يأخذ عليها اجرة والأنبياء والأولياء متعينون لخدمة الإرشاد ومن علم بالحسبة ولم يأخذ له عوضا فقد عمل عمل الأنبياء عليهم السلام. وقد جوز المتأخرون أخذ الاجرة على التعليم والتأذين والامامة والخطابة وغير ذلك لكن ينبغى للآخذ اخلاص النية فى عمله والا فقد جاء الوعيد: قال السعدي
زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب ميفروشد بنان
بدين اى فرومايه دينى مخر ... چوخر بانجيل عيسى مخر
واعلم ان المعلم الناصح إذا رغب فى إصلاحك وإصلاح غيرك حتى يودّ لو ان الناس كلهم صلحوا على يديه فانما يرغب فى ذلك ليكثر اتباع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لما سمعه يقول (انى مكاثر بكم الأمم) وهذا مقام رفيع لغناه عن عظة فى إرشاده وانما غرضه اقامة جاه محمد وتعظيمه كما يحكى ان رابعة العدوية كانت تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها فى اليوم والليلة فاذا تعلقت نية المعلم والعامل بهذا يجازيهما الله على ذلك من حيث المقام فَكَذَّبُوهُ عطف على قوله قال لقومه اى اتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه كذا وكذا فاصروا على تكذيبه تمردا وعنادا فتولوا عن تذكيره فحقت عليهم كلمة العذاب فاغرقوا فَنَجَّيْناهُ من الغرق والفاء فصيحة تفصح عن كون الكلام مشتملا على الحذف والتقدير كما قدرنا وَمَنْ استقر مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وكانوا ثمانين أربعين رجلا وأربعين امرأة كما فى البستان. او فنجيناهم فى هذا المكان فان انجاءهم وقع فى الفلك فعلى هذا يتعلق فى الفلك بنجيناه وعلى الاول يتعلق بالاستقرار الذي تعلق به معه وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ اى سكان الأرض وخلفا ممن غرق وهلك قال فى البستان لما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم الا أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم كما قال تعالى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ فتوالدوا حتى كثروا فالعرب والعجم والفرس والروم كلهم من ولد سام والحبش والسند والهند من أولاد حام ويأجوج ومأجوج والصقلاب والترك من أولاد يافث وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بالطوفان قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ وهم قوم نوح وفيه تحذير لمن كذب الرسول وتسلية له
محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا
ثُمَّ بَعَثْنا اى أرسلنا مِنْ بَعْدِهِ اى بعد نوح رُسُلًا التكثير للتفخيم ذاتا ووصفا اى رسلا كراما ذوى عدد كثير إِلى قَوْمِهِمْ كل رسول الى قومه خاصة كما يستفاد من اضافة القوم الى ضميرهم مثل هود الى عاد وصالح الى ثمود وابراهيم الى قوم بابل وشعيب الى قوم الايكة واهل مدين وغير ذلك ممن قص منهم ومن لم يقص فَجاؤُهُمْ اى جاء كل رسول قومه المخصوصين به بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة مثبتة لدعواهم