خوفهم وطلبهم الوقاية منه وفيه اشعار بان العذاب الروحاني أفظع وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ أراد بهم المدخلين وجمع الأنصار بالنظر الى جمع الظالمين اى وما لظالم من الظالمين نصير من الأنصار والمراد به من ينصر بالمدافعة والقهر فليس فى الآية دلالة على نفى الشفاعة لانها هى الدفع بطريق اللين والمسألة فنفى النصرة لا يستلزم نفى الشفاعة رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أوقع الفعل على المسمع وحذف المسموع لدلالة وصفه عليه والمراد به الرسول عليه السلام فانه ينادى ويدعو الى الايمان حقيقة قال تعالى ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ أَنْ آمِنُوا اى آمنوا على انّ ان تفسيرية او بان آمنوا على انها مصدرية بِرَبِّكُمْ بمالككم ومتولى أموركم ومبلغكم الى الكمال فَآمَنَّا اى فامتثلنا بامره وأجبنا نداءه رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اى كبائرنا فان الايمان يجب ما قبله وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا اى صغائرنا فانها مكفرة عن مجتنب الكبائر وَتَوَفَّنا اى اقبض أرواحنا مَعَ الْأَبْرارِ اى مخصوصين بصحبتهم مغتنمين بجوارهم معدودين من زمرتهم فالمراد من المعية ليس المعية الزمانية لان ذلك محال ضرورة ان توفيهم انما هو على سبيل التعاقب بل المراد المعية فى الاتصاف بصفة الأبرار حال التوفى. وفيه اشعار بانهم كانوا يحبون لقاء الله ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه فمن جعل الله ممن آمن بداعي الايمان فقد أكرمه مع أوليائه فى الجنان فطوبى للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وطوبى لمن اتعظ بالموعظة الحسنة: قال الحافظ
نصيحت كوش كن جانا كه از جان دوست تر دارند ... جوانان سعادتمند پند پير دانا را
قال ابو عامر الواعظ بينما انا جالس بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءنى غلام وأعطاني رقعة فاذا فيها أسعدك الله يا أخي أبا عامر بلغني قدومك واشتقت الى رؤيتك فذهبت مع الغلام فوصلنا الى بيت فى خربة له باب من جريد النخل وإذا فيه شيخ مقعد مستقبل القبلة محزون من الخشية قد ذهبت عيناه من البكاء فسلمت عليه فرد على السلام فقال يا أبا عامر لم يزل قلبى الى استماع موعظتك مشتاقا وبي داء قد أعيى الواعظين علاجه فقلت ايها الشيخ ارم ببصر قلبك فى ملكوت السماء وتنقل بحقيقة إيمانك الى جنة المأوى تر ما أعد الله فيها للاولياء ثم انظر فى نار لظى تر ما أعد الله للاشقياء فشتان ما بين الدارين وليس الفريقان على السواء فلما سمع قولى انّ وصاح صيحة ثم قال والله لقد وقع دواؤك على الداء زدنى رحمك الله فقلت ان الله عالم بسريرتك فيطلع عليك عند استتارك ومبارزتك فلما سمع صاح صيحة أعظم من الاولى فخر ميتا فعند ذلك خرجت جارية عليها مدرعة وخمار من صوف قد ذهب السجود بجبهتها فقالت أحسنت يا مداوى قلوب العارفين ان هذا الشيخ كان والدي وهو مبتلى بالسقم منذ عشرين سنة وكان يتمناك من الله ويقول حصرت مجلس ابى عامر فاحيى قلبى وطرعنى غفلتى وان سمعته ثانيا قتلنى فجزاك الله خيرا ثم اكبت على والدها