لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ على ارادة القول اى قائلين لقد علمت يا ابراهيم ان ليس من شأنهم النطق فكيف تأمرنا بسؤالهم فاقروا بهذا للحيرة التي لحقتهم قالَ مبكتالهم أَفَتَعْبُدُونَ اى أتعلمون ذلك فتعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين عبادته تعالى ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً من النفع ان عبدتموهم وَلا يَضُرُّكُمْ ان لم تعبدوهم فان العلم بالحالة المنافية للالوهية مما يوجب الاجتناب عن عبادته قطعا أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تضجر منه من إصرارهم على الباطل البين وأف صوت التضجر إذا صوت بها الإنسان علم انه متضجر ومعناه قبحا ونتنا: وبالفارسية [زشتى وناخوشى شما را ومران چيز را كه مى پرستيد بجز خداى تعالى] واللام لبيان المتأفف له اى لكم ولآلهتكم هذا التأفف لا لغيركم وفى كتب النحو من اسماء الافعال أف بمعنى أتضجر أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أجننتم فلا تعقلون قبح صنيعكم قال ابن عطاء دعا الله تعالى عباده اليه وقطعهم عمادونه بقوله أَفَتَعْبُدُونَ إلخ كيف تعتمده وهو عاجز مثلك ولا تعتمد من اليه المرجع وبيده الضر والنفع قال حمدون القصار استغاثة الخلق بالخلق كاستغاثة المسجون بالمسجون وقال بعض الكبار طلبك من غيره لوجود بعدك عنه إذ لو كنت حاضرا بقلبك معه ما صح منك توجه لغيره وكل مادون الله خوض ولعب فالتعلق به زور وكذب فدع الكل جانبا وتعلق بمولاك حتما تجده فى كل مهم وغيره مغنيا وعند كل شىء حقا يقينا جعلنا الله ممن تعلق به بلا علة وعافانا من الذلة والزلة والقلة- حكى- ان امرأة حبيب العجمي الحت عليه ان يعمل بالاجرة طلبا للسعة فى الرزق فخرج من بيته وعبد الله الى الليل فعاد الى بيته وليس معه شىء فلما سألته امرأته قال عملت لعظيم كريم واستحييت ان اطلب الاجرة فلما مضى عليه ثلاثة ايام قالت اطلب الاجرة او اعمل لغيره او طلقنى فخرج الى الليل فلما عاد الى منزله وجد رائحة الطعام وامرأته مستبشرة فقالت ان الذي عملت له أرسل إلينا أشياء عظيمة وكيسا مملوا ذهبا فبكى حبيب وقال انه من عند الله الكريم فلما سمعت المرأة تابت وحلفت ان لا تعود الى مثله ابدا ففى هذه الحكاية فوائد. منها ان العمل بالاجرة وان كان امرا مشروعا لكن الحبيب اختار طاعة الحبيب وعد ذلك العمل من قبيل الاستناد الى الغير مع انه تعالى قال (من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته فوق ما اعطى السائلين) . ومنها ان الصبر مؤد الى الفتح ولو كان بعد حين فلابد من الصبر وترك الجزع. ومنها ان تلك المرأة عرفت الحال فتابت الى الله المتعال واختارت القوت والقناعة ولازمت العبادة والطاعة فان من اعرض عن الحق بعد ظهور البرهان فقد خان نفسه وأهان ألا ترى ان قوم ابراهيم بعد ما استبان لهم الحق رجعوا الى الكفر والإصرار وعبادة الأصنام من الخشب والأحجار فاهلكهم الله تعالى بالبعوض الصغار: وفى المثنوى
هست دنيا قهر خانه كردكار ... قهر بين چون قهر كردى اختيار «١»