إذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع الا المناصبة واتفقت كلمتهم على إحراقه لانه أشد العقوبات وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الذي أشار بإحراقه رجل من اعراب العجم يعنى من الأكراد ولعمرى انهم لفى فسادهم وجفائهم وغلوهم فى تعذيب الناس بعد يقدمون ولا ينفكون عن ذلك ما ترى للاسلام الذي هو دين ابراهيم الخليل عليهم اثرا فى خلق ولا عمل خلقهم نهب اموال المسلمين وعلمهم ظلم وسرقة وقتل وقطع الطريق والله ما هؤلاء باهل الملة الغراء لاكثر الله فى الناس مثل هؤلاء إياك والمصاحبة باصلحهم والمرور ببلادهم وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ بالانتقام لها إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ امرا فى إهلاكه يعنى ان الإحراق هو المعتد به فى هذا الباب وقصته انه لما اجتمع نمرود وقومه لاحراقه عليه السلام حبسوه فى بيت بنو اله حائطا كالحظيرة ارتفاعه ستون ذراعا وذلك فى جنب جبل كوثى وهى بالضم قرية بالعراق ثم جمعوا له الحطب الكثير حتى ان الرجل المريض كان يوصى بشراء الحطب والقائه فيها وكانت المرأة لو مرضت قالت ان عافانى الله لاجمعن حطبا لابراهيم وكانت تنذر فى بعض ما تطلب لئن أصابته لتحتطبن فى نار ابراهيم وتغزل وتشترى الحطب بغزلها فتلقيه فى ذلك البنيان احتسابا فى دينها وكانت امرأة عجوز نذرت ان تحمل الحطب الى نار ابراهيم فحملت حزمة حطب وذهبت بها الى موضع النار فاعترضها ملك فى الطريق وقال اين تذهبين يا عجوز فقالت أريد نار ابراهيم فقال طول الله طريقك وقصر خطاك فاقامت تسير والحطب فوق رأسها وهى جيعانة عطشانة حتى ماتت لعنها الله تعالى قيل جمعوا له اصناف الحطب من انواع الخشب على ظهر الدواب أربعين يوما قال الكاشفى [وروغن فراوان برهيمه ريختند] يقال ان جميع الدواب امتنعت من حمل الحطب الا البغال فعاقبها الله ان أعقمها كما فى القصص وذكر فى فضائل القدس عن سعيد بن عبد العزيز انه قال فى زمن بنى إسرائيل فى بنت المقدس عند عين سلوان وعين سلوان فى القدس الشريف كزمزم فى مكة وكانت المرأة إذا قذفت أتوا بها فسقوها من ماء هذه العين فان كانت بريئة لم يضرها وان كانت سقيمة ماتت فلما حملت مريم أم عيسى عليه السلام أتوا بها وحملوها على بغلة فعثرت بها فدعت الله تعالى ان يعقم رحمها فعقمت من ذلك اليوم فلما أتتها شربت منها فلم تزد إلا خيرا فدعت الله تعالى ان لا يفضح امرأة مؤمنة فغارت انتهى ثم اوقدوا الحطب سبعة ايام فلما اشتعلت النار صار الهواء بحيث لو مر الطير فى أقصى الجو لاحترق من شدة وهجها اى شدة حرها- روى- انهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها لعدم تأتى القرب منها فجاء إبليس فى صورة شيخ وعلمهم عمل المنجنيق قال فى انسان العيون أول من وضع المنجنيق إبليس فانه لما جعلوا فى الحطب النار ووصلت النار الى رأس الجدار المرتفع المبنى جنب الجبل لم يدروا كيف يلقون ابراهيم فتمثل لهم إبليس فى صورة نجار فصنع لهم المنجنيق ونصبوه على رأس الجبل ووضعوه فيه والقوه فى تلك النار وأول من رمى به فى الجاهلية جذيمة الأبرش وهو أول من أوقد الشمع انتهى وقيل صنعه لهم رجل من الأكراد وكان أول من صنع المنجنيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة ثم عمدوا الى ابراهيم فوضعوه فى كفة المنجنيق مقيدا مغلولا فصاحت السماء والأرض ومن فيهما من الملائكة الا الثقلين