انه كهانة وسحر كما قال وما تنزلت به الشياطين وفيه اشارة الى انه ليس محمد القلب عند الاخبار عن المواهب الغيبية والإلهامات السرية بمتهم بالكذب والافتراء وما هو بقول بعض القوى البشرية فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ استضلال لهم فيما يسلكونه فى امر القرآن والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ظهور انه وحي مبين وليس مما يقولون فى شىء كما تقول لمن ترك الجادة بعد ظهورها هذا الطريق الواضح فأين تذهب شبهت حالهم بحال من يترك الجادة وهو معظم الطريق ويتعسف الى غير المسلك فانه يقال له أين تذهب استضلالا له وإنكارا على تعسفه فقيل لمن يقول فى حق القرآن ما لا ينبغى من وضوح كونه وحيا حقا اى طريق تسلكون آمن من هذه الطريقة التي ظهرت حقيتها ووضحت استقامتها وأين ظرف مكان مبهم منصوب بتذهبون قال أبو البقاء التقدير الى أين فحذف حرف الجر ويجوز أن لا يصار الى الحذف بل الى طريق التضمين فكأنه قيل أين تؤمون وقال الجنيد قدس سره أين تذهبون عنا وان من شىء الا عندنا وفى التأويلات النجمية فأين تذهبون من طريق الحق الى طريق الباطل وتتركون الاقتداء بالروح وتختارون اتباع النفوس إِنْ هُوَ ان نافية والضمير الى القرآن اى ما هو إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ موعظة وتذكير لهم والمراد الانس والجن بدلالة العقل فانهم المحتاجون الى الوعظ والتذكير لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أيها المكلفون بالايمان والطاعة وهو بدل من العالمين بالعادة الجار بدل البعض من الكل ولا تخالف بين الأصل المتبوع والفرع التابع لان الاول باعتبار الذات والثاني باعتبار التبع أَنْ يَسْتَقِيمَ مفعول شاء اى لمن شاء منكم الاستقامة بتحرى الحق وملازمة الصواب وإبداله من العالمين مع انه ذكر شامل لجميع المكلفين لانهم هم المنتفعون بالتذكير دون غيرهم فكأنه مختص بهم ولم يوغظ به غيرهم وَما تَشاؤُنَ اى الاستقامة مشيئة مستتبعة لها فى وقت من الأوقات يا من يشاؤها وذلك ان الخطاب فى قوله لمن شاء منكم يدل على ان منهم من يشاء الاستقامة ومن لا يشاؤها فالخطاب هنا لمن يشاؤها منهم يروى ان أبا جهل لما سمع قوله تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم قال الأمر إلينا ان شئنا استقمنا وان شئنا لم نستقم وهو رأس القدرية فنزل قوله تعالى وما تشاؤن إلخ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ من اقامة المصدر موقع الزمان اى الا وقت أن يشاء الله تلك المشيئة المستتبعة للاستقامة فان مشيئتكم لا تستتبعها بدون مشيئة الله لها لان المشيئة الاختيارية مشيئة حادثة فلا بدلها من محدث فيتوقف حدوثها على أن يشاء محدثها إيجادها فظهر ان فعل الاستقامة موقوف على ارادة الاستقامة وهذه الارادة موقوفة الحصول على أن يريد الله أن يعطيه تلك الارادة والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء فأفعال العباد ثبوتا ونفيا موقوفة الحصول على مشيئة الله كما عليه اهل السنة رَبُّ الْعالَمِينَ مالك الخلق ومربيهم أجمعين بالارزاق الجسمانية والروحانية وفى الحديث القدسي يا ابن آدم تريد وأريد فتتعب فيما تريد ولا يكون الا ما أريد قال وهب بن منبه قرأت فى كتب كثيرة مما أنزل الله على الأنبياء انه من جعل الى نفسه شيأ من المشيئة فقد كفر قال أبو بكر الواسطي قدس سره أعجزك فى جميع