المجدلانية على موضع فى جبلها فانه لم يبك عليك أحد بكاءها ولم يحزن أحد حزنها ثم استجمع الحواريين فبثهم اى فاجعلهم متفرقين فى الأرض دعاة الى الله فاهبطه الله عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريون فبثهم فى الأرض دعاة ثم رفعه الله اليه وتلك الليلة هى الليلة التي تدخن فيها النصارى فلما أصبح الحواريون حدث كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم فذلك قوله وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ والمكر من المخلوقين الخبث والخديعة والحيلة والمكر من الله استدراج العبد واخذه بغتة من حيث لا يعلم فيها ايها العبد خف من وجود احسان مولاك إليك ودوام اساءتك معه فى دوام الطفه بك وعطفه عليك ان يكون ذلك استدراجا لك حتى تقف معها وتغتر بها وتفرح بما أوتيت فتؤخذ بغتة قال الله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا. وقال ابو العباس ابن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى او تورط فى بلوا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بالظاهر من الأمر من غير تعريج على ماوراء ذلك وما ذاك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال عليه السلام (من استوى يوماه فهو مغبون) ولو لم يكن من الابعاد الا ان يخليك وما تريد فيصرفك عنه بمرادك هذا والعياذ بالله مكر وخسران. وعن ابن حنبل انه كان يوصى بعض أصحابه فقال خف سطوة العدل وارج رقة الفضل ولا تأمن من مكره تعالى ولو أدخلك الجنة ففى الجنة وقع لا بيك آدم ما وقع وقد يقطع بأقوام فيها فيقال لهم كلوا واشربوا هنيأ بما أسلفتم فى الأيام الحالية فقطعهم بالأكل والشرب عنه وأي مكر فوق هذا وأي خسران أعظم منه إِذْ قالَ اللَّهُ اى اذكر وقت قول الله يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ اى مستوفى أجلك ومعناه انى عاصمك من ان يقتلك الكفار ومؤخرك الى أجل كتبته لك ومميتك ختف انفك لاقتلا بايديهم وَرافِعُكَ الآن إِلَيَّ اى الى محل كرامتى ومقر ملائكتى وجعل ذلك رفعا اليه للتعظيم ومثله قوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي وانما ذهب ابراهيم عليه السلام من العراق الى الشام وقد يسمى الحاج زوار الله والمجاورون جيران الله وكل ذلك للتفخيم فانه تعالى يمتنع كونه فى المكان وَمُطَهِّرُكَ اى مبعدك ومنحيك مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم. قيل سينزل عيسى عليه السلام من السماء على عهد الدجال حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله أحد ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الإسلام ويقتل الدجال ويتزوج بعد قتله امرأة من العرب وتلد منه ثم بموت هو بعد ما يعيش أربعين سنة من نزوله فيصلى عليه المسلمون لانه سأل ربه ان يجعله من هذه الامة فاستجاب الله دعاءه وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ وهم