الاعتبار لان الثواب والعقاب انما يدوران على الخاتمة وذلك غير معلوم لهم فلهذا المعنى قالوا لا عِلْمَ لَنا وفى الحديث (انى على الحوض انظر من يرد علىّ منكم والله ليقطعن دونى رجال فلأقولن اى ربى منى ومن أمتي فيقول انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم) وهو عبارة عن ارتدادهم أعم من ان يكون من الأعمال الصالحة الى السيئة او من الإسلام الى الكفر وفى الحديث (يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون انه قد بلغ) فذلك قوله تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ انما شهد محمد وامة بذلك مع انهم بعد نوح لعلمهم بالقرآن ان الأنبياء كلهم قد بلغوا أممهم ما أرسلوا به وقد جاء فى الرواية (ثم يؤتى بمحمد فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بصدقهم) فذلك قوله تعالى وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة الحق وينتصح بنصيحة الناصح الصدق
امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
واعلم ان القيامة يوم يتجلى الحق فيه بالصفة القهارية قال تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ. قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة هذا ترتيب أنيق فان الذات الاحدى يدفع بوحدته الكثرة وبقهره الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى وقيامة العارفين دائمة لانهم يكاشفون الأمور ويشهادون الأحوال فى كل موطن على ما هى عليه وهى القيامة الكبرى وحشر الخواص بل الأخص اللهم اجعلنا ممن مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اى اذكروا ايها المؤمنون وقت قول الله تعالى لعيسى ابن مريم وهو يوم القيامة اذْكُرْ نِعْمَتِي اى انعامى عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ وليس المراد بامره عليه السلام يومئذ بذكر النعم تكليف الشكر إذ قد مضى وقته فى الدنيا بل ليكون حجة على من كفر حيث اظهر الله على يده معجزات كثيرة فكذبته طائفة وسموه ساحرا وغلا آخرون فاتخذوه الها فيكون ذلك حسرة وندامة عليهم يوم القيامة والفائدة فى ذكر امه ان الناس تكلموا فيها ما تكلموا ثم عد الله تعالى عليه نعمة نعمة فقال إِذْ أَيَّدْتُكَ ظرف لنعمتى اى اذكر انعامى عليكما وقت تأييدى لك بِرُوحِ الْقُدُسِ اى بجبريل الطاهر على ان القدس الطهور وأضيف اليه الروح مد حاله بكمال اختصاصه بالطهر كما فى رجل صدق ومعنى تأييده به ان جبريل عليه السلام يجعل حجته ثابتة مقررة تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا استئناف مبين لتأييده عليه السلام والمعنى تكلمهم فى الطفولة والكهولة على سواء اى من غير ان يوجد تفاوت بين كلامه طفلا وبين كلامه كهلا فى كونه صادرا عن كمال العقل وموافقا لكمال الأنبياء والحكماء فانه تكلم حال كونه فى المهد اى فى حجر الام او الذي يربى فيه الطفل بقوله إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وتكلم كهلا بالوحى والنبوة فتكلمه فى تينك الحالتين على حد واحد وصفة واحدة من غير تفاوت معجزة عظيمة حصلت له وما حصلت