فهو دليل على وجود القبول لان الجزاء على ذلك مقصور قال ابراهيم بن أدهم لو يعلم الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف وقال بعضهم ليس شىء من البر الا ودونه عقبة يحتاج الى الصبر فيها فمن صبر على شدتها افضى الى الراحة والسهولة وانما هى مجاهدة النفس ثم مخالفة الهوى ثم المكابدة فى ترك الدنيا ثم اللذة والتنعم وانما يطيع العبد ربه على قدر منزلته منه فمن سره ان يعوف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله فى قلبه وقيل لبعضهم هل تعرف الله فغضب وقال ترانى اعبد من لا اعرف فقال له السائل او تعصى من تعرف: قال السعدي قدس سره
عمرى كه ميرود بهمه حال سعى كن ... تا در رضاى خالق بيچون بسر برى
وقال ايضا
پير بودى وره ندانستى ... تو نه پيرى كه طفل كتابى
أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ المقدر بالأجل او العذاب وفى لفظ الإدراك اشعار بانهم فى الهرب منه وهو مجد فى طلبهم وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
اى وان كنتم فى قصور عالية الى السماء محكمة بالشيد وهو الجص لا يصعد إليها بنوا آدم قال مجاهد فى هذه الآية كان فيمن قبلكم امرأة وكان لها أجير فولدت جارية فقالت لا جيرها اقتبس لنا نارا فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له الرجل ما ولدت هذه المرأة قال جارية قال اما هذه الجارية لا تموت حتى تزنى بمائة ويتزوجها أجيرها ويكون موتها بالعنكبوت فقال الأجير فى نفسه فانا أريد هذه بعد ان تفجر بمائة لا قتلنها فاخذ شفرة فدخل فشق بطن الصغيرة وخرج على وجهه وركب البحر وخيط بطن الصبية فعولجت وبرئت وشبت فكانت تزنى فاتت ساحلا من ساحل البحر فاقامت عليه تزنى ولبث الرجل ما شاء الله ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير فقال لامرأة من اهل الساحل اطلعى لى امرأة من أجمل النساء أتزوجها فقالت هاهنا امرأة من أجمل النساء ولكنها تفجر فقال ائتيني بها فاتتها فقالت قد قدم رجل له مال كثير وقال لى كذا وكذا فقالت انى تركت الفجور ولكن ان أراد ان يتزوجنى تزوجته قال فتزوجها فوقعت منه موقعا فبينما هو يوما عندها إذا خبرها بامره فقالت انا تلك الجارية وارته الشق فى بطنها وقد كنت افجر فما أدرى بمائة او اقل او اكثر فقال زوجها فى نفسه ان الرجل الذي كان خارج الباب قال يكون موتها بالعنكبوت ثم أخبرها بذلك قال فبنى لها برجا فى الصحراء وشيده فبينما هى يوما فى ذلك البرج إذا عنكبوت فى السقف فقالت هذا يقتلنى لا قتلنه إذ لا يقتله أحد غيرى فحركته فسقط فاتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته فساح سمه بين ظفرها واللحم فاسودت رجلها فماتت وفى ذلك نزلت هذه الآية أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وأجمعت الامة على ان الموت ليس له سن معلوم ولا أجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك مستعدا لذلك قال عليه السلام (أكثروا ذكر هاذم اللذات) يعنى الموت وهو كلام مختصر وجيز قد جمع التذكرة وابلغ فى الموعظة فان من ذكر الموت حقيقة ذكره نغض عليه اللذة الحاضرة ومنعه من تمنيها فى المستقبل وزهده فيما كان منها يؤمل ولكن النفوس