من الأرض اى المرتفع المنفصل بارتفاعه عما حوله ومعنى اسرارها مع انها لا تكون الا سرا انهم بالغوا فى اخفائها الَّذِينَ ظَلَمُوا على أنفسهم بالشرك والمعصية بدل من واو أسروا منبئ عن كونهم موصوفين بالظلم الفاحش فيما أسروا به كأنه قيل فماذا قالوا فى نجواهم فقيل قالوا هَلْ هذا هل بمعنى النفي اى ما محمد إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لحم ودم مساولكم فى المأكل والمشرب وكل ما يحتاج اليه البشر والموت مقصور على البشرية ليس له وصف الرسالة التي يدعيها والبشر ظاهر الجلد والادمة باطنه عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف والشعر والوبر واستوى فى لفظ البشر الواحد والجمع وخص فى القرآن كل موضع عبر عن الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ حال من فاعل تأتون مقررة للانكار ومؤكدة للاستبعاد اى ما هذا الا من حنسكم وما اتى به يعنون القرآن سحر أتعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الإذعان والقبول وأنتم تعاينون انه سحر قالوه لاعتقادهم ان الرسول لا يكون الا ملكا وان كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر اى الخداع والتخييلات التي لا حقيقة لها قال الامام طعنوا فى نبوته بانه بشر وما اتى به سحر وهو فاسد إذ صحة النبوة تعرف من المعجزة لا من الصورة ولو بعث الملك إليهم لم يعلموا نبوته بصورته بل بالمعجزة فاذا ظهر على يد بشر وجب قبوله
لوح صورت بشوى ومعنى جو ... كه صور برك شد معانى بو
وانما أسروا ذلك لما كان هذا الحديث منهم على طريق التشاور فيما بينهم والتحاور فى طلب الطريق الى هدم امر النبوة واطفاء الدين وعادة المتشاورين ان يجتهدوا فى كتمان سرهم عن أعدائهم ما أمكن ومنه قول معاذ رفعه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (استعينوا على نجاح الحوائج بالكتمان فان كل ذى نعمة محسود) قالَ الرسول عليه السلام بعد ما اوحى اليه أقوالهم وأحوالهم بيانا لظهور أمرهم وانكشاف سرهم رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ سرا كان او جهرا حال كون ذلك القول فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فضلا عما أسروا به وإذا علم القول علم الفعل وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اى المبالغ فى العلم بالمسموعات والمعلومات التي من جملتها ما أسروه من النجوى فيجازيهم بأقوالهم وأفعالهم بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها كما فى القاموس. والحلم بضم الحاء وسكون اللام الرؤيا وضم اللام ايضا لغة فيه فالاحلام بمعنى المنامات سواء كانت باطلة او حقة وأضيفت الأضغاث بمعنى الأباطيل إليها على طريق اضافة الخاص الى العام اضافة بمعنى من وقد تخص الرؤيا بالمنام الحق والحلم بالمنام الباطل كما فى قوله عليه السلام (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) ثم ان هذا إضراب من جهته تعالى وانتقال من حكاية قول الى آخر اى لم يقتصروا على ان يقولوا فى حقه عليه السلام هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ وفى حق ما ظهر على يده من القرآن الكريم انه سحر بل قالوا تخاليط أحلام اى اخلاط أحلام كاذبة رآها فى المنام بَلِ افْتَراهُ من تلقاء نفسه من غير