بكذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف بحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذا كان الله علام الغيوب انتهى واعلم ان البلاء كالملح وان أكابر الأنبياء والأولياء انما كانوا من اولى العزم ببلايا ابتلاهم الله بها فصبروا ألا ترى الى حال نوح عليه السلام كيف ابتلى الف سنة الا خمسين عاما فصبر حتى قيل له (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) : قال الحافظ
كرت چونوح نبى صبر هست بر غم طوفان ... بلا بگردد وكام هزار ساله برآيد
ثم ان نوحا عليه السلام دعا بهلاك قومه مأذونا من الله تعالى فجاء القهر الإلهي إذ لم يؤثر فيهم اللطف الرحمانى والمقصود من الدعاء اظهار الضراعة وهو نافع عند الله تعالى يحيى ابن معاذ رحمه الله [كفت عبادت قفلست كليدش دعا ودندانه كليد لقمه حلال واز جمله دعاء او اين بودى بار خدايا اگر آن نكنى كه خواهم صبر بر آنچهـ تو خواهى] وفى الآية اشارة الى ان المؤمن ينبغى له ان يطلب منزلا مباركا يبارك له فيه حيث دينه ودنياه
سعديا حب وطن كر چهـ حديثست صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
ولو تفكرت فى احوال الأنبياء وكمل الأولياء لوجدت أكثرهم مهاجرين إذ لا يمن فى الاقامة بين قوم ظالمين يقول الفقير احمد الله تعالى على نعمه المتوافرة لا سيما على المهاجرة التي وقعت مرارا وعلى المنزل وهى بلدة بروسه حيث جاء الفال بلدة طيبة ورب غفور وعلى الانجاء من القوم الظالمين حيث ان كل من عادانى ورد موعظتى هلك مع الهالكين فجاءت عاقبة الابتلاء نجاة والقهر لطفا والجلال جمالا ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ اى أوجدنا واحداثنا من بعد إهلاك قوم نوح قَرْناً آخَرِينَ هم عاد لقوله تعالى حكاية عن هود (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) والقرن القوم المقترنون من زمن واحد اى اهل زمان واحد فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ) [پس فرستاديم در ميان ايشان] رَسُولًا مِنْهُمْ اى من جملتهم نسبا وهو هود لا هود وصالح على ان يكون المراد بالقرن عادا وثمود لان الرسول بمعنى المرسل لا بد وان يثنى ويجمع بحسب المقام كقوله (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) وجعل القرن موضعا للارسال كما فى قوله (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) ونحوه لا غاية له كما فى مثل قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) للايذان من أول الأمر بان من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل انما نشأ فيما بين أظهرهم أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لارسلنا لما فى الإرسال من معنى القول اى قلنا لهم على لسان الرسول ان اعبدوا الله تعالى وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ مرّ إعرابه أَفَلا تَتَّقُونَ قال فى بحر العلوم أتشركون بالله فلا تخافون عذابه على الإشراك انتهى فالشرك وعدم الاتقاء كلاهما منكران وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون روعاء والنفوس دلالة وبهاء اى اشراف قومه الكافرين وصفوا بالكفر ذمالهم وذكره بالواو دون الفاء كما فى قصة نوح لان كلامهم لم يتصل بكلام الرسول ومعناه انه اجتمع فى الحصول ذلك القول الحق وهذا القول الباطل وشتان ما بينهما قال فى برهان القرآن قدم من قومه فى هذه الآية واخر فيما قبلها لان صلة الذين فيما قبل اقتصرت على فعل وضمير الفاعلين ثم ذكر بعده