وهى من خاصية الهواء والسجود يشير إليك بالتخلص من حجب طبع النباتية وأعظمها الحرص على الجذب للشىء والنمو وهو من خاصية الماء والتشهد يشير إليك بالتخلص من حجب طبع الجمادية وأعظمها الجمودية وهى من خاصية التراب ومن هذه الصفات الأربع تنشأ بقية صفات البشرية فاذا تخلصت من هذه الدركات والحجب ورجعت بهذه المدارج الاربعة الى جوار رب العالمين وقربه فقد أقمت الصلاة مناجيا ربك مشاهدا له كما قال صلى الله عليه وسلم (اعبد الله كأنك تراه) كذا فى التأويلات النجمية فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ اى فبسبب نقض اليهود عهدهم وهو انهم كذبوا الرسل بعد موسى وقتلوا الأنبياء ونبذوا الكتاب وضيعوا فرائضه وما مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه فى النفس لَعَنَّاهُمْ اى طردناهم وابعدناهم من رحمتنا او مسخناهم قردة وخنازير او اذللناهم بضرب الجزية عليهم وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً اى غليظة شديدة بحيث لا تتأثر من الآيات والنذر وحجر قاس اى صلب غير لين يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ استئناف لبيان قسوة قلوبهم فانه لا قسوة أشد من تغيير كلام الله والافتراء عليه والمراد بالتحريف اما تبديلهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم واما تبديلهم بسوء التأويل وقد سبق فى سورة البقرة وَنَسُوا حَظًّا اى وتركوا نصيبا وافرا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ من التوراة او من اتباع محمد عليه السلام والمعنى انهم حرفوا التوراة وتركوا حظهم مما انزل عليهم فلم ينالوه وقيل معناه انهم حرفوها فتركت بشؤمه أشياء منها عن حفظهم لما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية- روى- ان الله تعالى غير العلم على امية بن ابى الصلت وكان من بلغاء الشعراء كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه: قال الحافظ
نه من ز بي عملى در جهان ملولم وبس ... ملالت علما هم ز علم بي عملست
واعلم ان العلماء العاملين والمشايخ الواصلين لا يزالون يذكرون الناس كل عصر يوم الميثاق ومخاطبة الحق إياهم تشويقا لهم الى تلك الأحوال فمن سامع ومن معرض فالسامع لكونه معرضا عن الدنيا والعقبى وصل الى جوار المولى فكان مقبولا مرحوما والمعرض لكونه مقبلا على ما سوى المولى لم ينل شيأ فكان مردودا ملعونا لانه نقض عهده مع الله سبحانه وتعالى: وفى المثنوى
بي وفايى چون سگانرا عار بود ... بي وفايى چون روادارى نمود
حق تعالى فخر آورد از وفا ... گفت من اوفى بعهد غيرنا
وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ اى خيانة على انها مصدر كاللاغية والكاذبة قال الله تعالى لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً اى لغوا والمعنى ان الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولا سلافهم بحيث لا يكادون يتركونها او يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لم يخونوا وهم الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام واضرابه وهو استثناء من الضمير المجرور فى منهم فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ اى اعرض عنهم ولا تتعرض لهم بالمعاقبة والمؤاخذة ان تابوا وآمنوا او عاهدوا والتزموا الجزية وقيل مطلق نسخ بآية السيف وهو قوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ