الطلب وغلبات الشوق وذلك عند نزول مطر اللطف وماء الرحمة وعن بعض الصالحين قال رأيت سمنون فى الطواف وهو يتمايل فقبصت على يده وقلت له يا شيخ بموقفك بين يديه الا أخبرتني بالأمر الذي أوصلك اليه فلما سمع بذكر الموقف بين يديه سقط مغشيا عليه فلما أفاق انشد
ومكتئب لج السقام بجسمه ... كذا قلبه بين القلوب سقيم
يحق له لومات خوفا ولوعة ... فموقفه يوم الحساب عظيم
ثم قالى يا أخي أخذت نفسى بخصال أحكمتها فاما الخصلة الاولى أمت منى ما كان حيا وهو هوى النفس وأحييت منى ما كان ميتا وهو القلب واما الثانية فانى أحضرت ما كان عنى غائبا وهو حظى من الدار الآخرة وغيبت ما كان حاضرا عندى وهو نصيبى من الدنيا واما الثالثة فانى أبقيت ما كان فانيا عندى وهو التقى وأفنيت ما كان باقيا عندى وهو الهوى واما الرابعة فانى آنست بالأمر الذي منه تستوحشون وفررت من الأمر الذي اليه تسكنون أشار الى الاستئناس بالله وبذكره والى الاستيحاش مما سوى الله وهو المراد بحسن الخاتمة واما التوحش من الله والانس بما سواه فهو المراد بسوء العاقبة نعوذ بالله وربما كان سوء العاقبة بالخروج من الدنيا بغير ايمان وكان فى زمان حاتم الأصم نباش فحضر مجلس حاتم يوما فتاب على يده وأحياه الله بسبب نفس حاتم فقال له حاتم كم نبشت من القبور فقال سبعة آلاف قال فى كم سنة قال فى عشرين سنة فغشى على حاتم فلما أفاق قال قبور المسلمين أم قبور الكافرين قال بل قبور المسلمين فقال كم قبرا وجدت صاحبه على غير القبلة قال وجدت ثلاثمائة قبر صاحبه على القبلة والباقون على غير القبلة فغشى على حاتم وذلك لأن خوف كل أحد بحسب مقامه من المعرفة فاذا عرف المرء أن فى امامه موتا وابتلاء ثم حشرا وامتحانا لا يزال فى ناحية وربما يغلب عليه حاله فيغشى عليه قال بعضهم إذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذي نجى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا ولكثرة فتن الشيطان وتشبثها بالقلوب عزت السلامة فلا بد من الاستقامة فى الله وادامة الذكر والاستعاذة بالله من كل شيطان مضل وفتنة مهلكة إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ الإلحاد فى الأصل مطلق الميل والانحراف ومنه اللحد لأنه فى جانب القبر ثم خص فى العرف بالانحراف عن الحق الى الباطل اى يميلون عن الاستقامة فِي آياتِنا بالطعن فيها بأنها كذب او سحر او شعر وبتحريفها يحملها على المحامل الباطلة لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا فنجازيهم بالحادهم ثم نبه على كيفية الجزاء فقال أَفَمَنْ آيا كسى كه يُلْقى فِي النَّارِ على وجهه وهم الكفرة بانواعهم خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً من النار يَوْمَ الْقِيامَةِ وهم المؤمنون على طبقاتهم قابل الإلقاء فى النار بالإتيان آمنا مبالغة فى احماد حال المؤمنين بالتنصيص على انهم آمنون يوم القيامة من جميع المخاوف فلو قال أم من يدخل الجنة لجاز من طريق الاحتمال أن يبدلهم الله من بعد خوفهم أمنا ولك ان تقول الآية من الاحتباك حذف من الاول مقابل الثاني ومن الثاني مقابل الاول والتقدير أفمن يأتى خائفا ويلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا ويدخل الجنة يعنى ان الثاني خير