بالفتح جمع يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين بمعنى اليد اعتبارا بما يفعل المحالف والمعاهد عنده قال الراغب اى حلفوا واجتهدوا فى الحلف ان يأتوا به على ابلغ ما فى وسعهم انتهى وكان اهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك وكانوا يحلفون بالله ويسمونه جهد اليمين وهى اليمين المغلظة كما قال النابغة
حلفت فلم اترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مطلب
اى كما ان الله تعالى أعلى المطالب كذلك الحلف به أعلى الاحلاف- روى- ان قريشا بلغهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وحلفوا لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ اى والله لئن جاء قريشا نبى منذر لَيَكُونُنَّ أَهْدى أطوع وأصوب دينا مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ [از يكى امتان كذشته] اى من كل من اليهود والنصارى وغيرهم لان احدى شائعة. والأمم جمع فليس المراد احدى الامتين اليهود والنصارى فقط ولم يقل من الأمم بدون احدى لانه لو قال لجاز ان يراد بعض الأمم وقوله فى اواخر الانعام (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) اى اليهود والنصارى ثم قوله (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) اى الى الحق لا ينافى العموم لان تخصيص الطائفتين وكتابيهما انما هو لاشتهارهما بين الأمم واشتهارهما فيما بين الكتب السماوية وقال بعضهم معنى من احدى الأمم من الامة التي يقال لها احدى الأمم تفضيلا لها على غيرها فى الهدى والاستقامة ومنه قولهم للداهية هى احدى الدواهي اى العظيمة واحدى سبع اى احدى ليالى عاد فى الشدة وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لما كان مركبا من الروح والجسد فبروحانيته يميل الى الدين وما يتعلق به وببشريته يميل الى الدنيا وما يتعلق بها الكافر والمؤمن فيه سواء الا ان الكافر إذا مال الى شىء من الدين بحسب غلبة روحانيته على بشريته وعاهد عليه ثم وقع فى معرض الوفاء به لم توافقه نفسه لانها مائلة الى الكفر راغبة عن الدين وظلمة الكفر تحرّضه على نقض العهد فينقضه وان المؤمن إذا مال الى شىء من الدنيا بحسب غلبة بشريته على روحانيته وعاهد عليه وهو يريد الوفاء به يمنعه نور إيمانه عن ذلك ويحرضه على نقض العهد فينقضه وكذلك المريد الصادق إذا اشتد عليه القبض وملت نفسه من مقاساة شدة الرياضة والمجاهدة يمنى نفسه بنوع من الرخص استمالة لها وربما عاهد الله عليه ويؤكد الشيطان فيه عهده ويمنيه وبعده فاذا وقع فى معرض الوفاء وأراد ان يفى بعده فاذا صدقت إرادته تسبق عزيمته وتحرك سلسلة طلبه فينقض عهده مع النفس ويجدد عهد الطلب مع الله ويتمسك بدوام الذكر وملازمته الى ان يفتح الله بمفتاح الذكر باب قلبه الى الحضرة ويزهق بمجىء الحق باطل ما تمناه فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وأي نذير أفضل الكل واشرف الأنبياء والرسل عليهم السلام ما زادَهُمْ اى النذير او مجيئه على التسبب إِلَّا نُفُوراً تباعدا عن الحق والهدى: وبالفارسية [مكر رميدن از حق ودور شدن] اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نفورا او مفعول له يعنى عتوا على الله وتكبرا عن الايمان به: وبالفارسية [كردن كشى از فرمان