للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني الكركي لا يطا الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض والثالث الطائر الذي يقعد على سواقى الماء من الأنهار يعرف بمالك الحزين شبيه الكركي لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا ففى الاول اشارة الى ذم العجب وفى الثاني الى مدح الخوف وفى الثالث الى قدح الحرص فليعتبر العاقل من غير العاقل والسعيد من وعظ بغيره وأخذ الاشارة من كل شىء نسأل الله البصيرة التامة بمنه وَيَقُولُونَ لغاية حيرتهم فى امره عليه السلام ونهاية جهلهم بما فى القرآن من بدائع العلوم ولتنفير الناس عنه والا فقد علموا انه اعقلهم إِنَّهُ عليه السلام لَمَجْنُونٌ الظاهر أنه مثل قولهم يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون (وقال الكاشفى) بدرستى كه اين مرد ديو كرفته يعنى با او جنى است كه او را تعليم ميدهند. كما قال الوليد ابن المغيرة معلم مجنون يعنى يأتيه رئيى من الجن فيعلمه وحيث كان مدار حكمهم الباطل ما سمعوا منه عليه السلام رد ذلك ببيان علو شأنه وسطوع برهانه فقيل وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ على انه حال من فاعل يقولون مفيدة لغاية بطلان قولهم وتعجيب للسامعين من جراءتهم على التفوه بتلك العظيمة اى يقولون ذلك والحال ان القرآن ذكر للعالمين من الجن والانس اى تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون اليه من امور دينهم فأين من انزل عليه ذلك وهو مطلع على أسراره طرا ومحيط بجميع حقائقه خبرا مما قالوا فى حقه من الجنون اى انه من أول الأمور على كمال عقله وعلو شأنه فمن نسب اليه القصور فانما هو من جهله وجنته فان الفضل لا يعرفه إلا ذووه

إذا لم يكن للمرء عين صحيحة ... فلا غروأن يرتاب والصحيح مسفر

وقيل معناه شرف وفضل لقوله تعالى وانه لذكر لك ولقومك وفيه اشارة الى الإلهام فانه ذكر لصاحبه ولمن اعتقده واقتدى به إذا الآثار باقية الى يوم القيامة وقيل الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكونه ذكرا وشرفا للعالمين لا ريب فيه

اى شرف جمله عالم بتو ... روشنى ديده عالم بتو

وفيه اشارة الى سادات أمته واركان دينه تمت سورة نون بعونه خالق القلم وما يسطرون فى الخامس والعشرين يوم الاثنين من شعبان من سنة ست عشرة بعد المائة

[تفسير سورة الحاقة]

وآيها احدى وخمسون اية مكية بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَاقَّةُ هى من اسماء القيامة من حق يحق بالكسر إذا وجب وثبت لانها يحق اى يجب مجيئها ويثبت وقوعها كما قال تعالى ان الساعة آتية لا ريب فيها فالاسناد حقيقى وقال الراغب فى المفردات لانها يحق فيها الجزاء فالاسناد مجاذى كنهاره صائم ونحو مَا الْحَاقَّةُ الأصل ما هى اى اى شىء هى فى حالها وصفتها فان ما قد يطلب بها الصفة والحال فوضع الظاهر موضع المضمر

<<  <  ج: ص:  >  >>