للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثمه لما دخل الشيخ ابن محمد الجويني بيته ووجد ابنه الامام أبا المعالي يرتضع ثدى غير امه اختطفه منها ثم نكس رأسه ومسح بطنه وادخل إصبعه في فيه ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذلك اللبن قائلا يسهل على موته ولا تفسد طباعه بشرب لبن غير امه ثم لما كبر الامام كان إذا حصلت له كبوة في المناظرة يقول هذه من بقايا تلك الرضعة وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شأن مراعاة الاحكام المذكورة في امر الأطفال والمراضع وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم بذلك. وفيه من الوعيد والتهديد ما لا يخفى: قال الحسين الكاشي

گر برهنه بره برون آيى ... زود در تهمت جنون آيى

جامه ظاهرى كه نيست ببر ... تو فضيحت شوى ميان بشر

فكر آن كن كه بي لباس ورع ... چهـ كنى در مقام هول وفزع

خويشتن در لباس تقوى دار ... تا شوى در دو كون برخوردار

والآية مشتملة على تمهيد قواعد الصحبة وتعظيم محاسن الأخلاق في احكام العشرة بل انها اشتملت على شيوع الرحمة والشفقة على البرية فان من لا يرحم لا يرحم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لمن ذكر انه لمن يقبل أولاده (ان الله لا ينزع الرحمة الا من قلب شقى وفي الحديث (حب الأولاد ستر من النار وكراماتهم جواز على الصراط والاكل معهم براءة من النار) وفي الحديث (اربع نفقات لا يحسب العبد بهن يوم القيامة نفقة على أبويه ونفقة على إفطاره ونفقة على سحوره ونفقة على عياله) واللطف والمرحمة ممدوح جدا عموما وخصوصا وفي الحديث (ان امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد ادلع لسانه من العطش فنزعت له فغفر لها) قال البخاري فنزعت خفها فاوثقته اى أحكمته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك والحديث يدل على غفران الكبيرة من غير توبة وهو مذهب اهل السنة وعلى ان من اطعم محتاجا الى الغذاء يستحق المثوبة والجزاء. فعلى العاقل العمل بالكتاب والسنة وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ اى يموتون ويقبض أرواحهم بالموت. وقرئ بفتح الياء اى يستوفون آجالهم وأعمارهم. واصل التوفى أخذ الشيء وافيا كاملا يقال توفى الشيء واستوفاه فمن مات فقد أخذ عمره وافيا كاملا واستوفاه وَيَذَرُونَ أَزْواجاً اى يتركون نساء من بعدهم وهو جمع زوج والمنكوحة تسمى زوجا وزوجة والتذكير اغلب قال تعالى اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ويجمع أزواجا على لغة التذكير وزوجات على لغة التأنيث يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ الباء للتعدية اى يجعلنها متربصة منتظرة بعد موتهم لئلا يبقى المبتدأ بلا عائد أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً اى في تلك المدة فلا يتزوجن الى انقضاء العدة قوله عشرا اى عشرة ايام وتأنيث العشر باعتبار الليالى لان التاريخ عند العرب بالليلة بناء على انها أول الشهر واليوم تبع لها ولعل الحكمة في تقدير عدة الوفاة باربعة أشهر وعشر ان الجنين إذا كان ذكرا يتحرك غالبا لثلاثة أشهر وان كان أنثى يتحرك لاربعة فاعتبر أقصى الأجلين وزيد عليه العشر استظهارا اى استعانة بتلك الزيادة على العلم بفراغ الرحم إذ ربما تضعف الحركة في المبادي فلا يحس بها وكانت عدة الوفاة في أول الإسلام سنة فنسخت بهذه الا الحوامل فان عدتها بوضع الحمل قال تعالى وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>