ماله اكثر من ثلاثمائة الف وعشرين الفا وفى رواية جاء بأربعين اوقية من ذهب ومن ثمة قيل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف كانا خزانتين من خزائن الله فى الأرض ينفقان فى طاعة الله تعالى وجاء العباس بمال كثير وكذا طلحة وتصدق عاصم بن عدى بمائة وسق من تمر والوسق ستون صاعا بصاع النبي عليه السلام وهو اربعة امداد وكل مد رطل وثلث رطل بالبغدادي عند ابى يوسف والشافعي والرطل مائة وثلاثون درهما وعند ابى حنيفة كل مد رطلا وبعثت النساء بكل ما يقدرون عليه من حليهن وجاء ابو عقيل الأنصاري بصاع من تمر وقال يا رسول الله بت ليلتى كلها اجر بالجرير على صاعين اما أحدهما فامسكته لعيالى واما الآخر فاقرضته ربى فامره رسول الله ان ينثره فى الصدقات فطعن فيهم المنافقون وقالوا ما اعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء وسمعة وان أبا عقيل جاء ليذكر بنفسه ويعطى من الصدقة بأكثر مما جاء به وان الله لغنى عن صاع ابى عقيل فانزل الله هذه الآية وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ عطف على المطوعين اى ويلمزون الذين لا يجدون الا طاقتهم من الصدقة قال الحدادي عابوا المكثر بالرياء والمقل بالاقلال يقال الجهد بالفتح المشقة والجهد بالضم الطاقة وقيل الجهد فى العمل والجهد فى القوة فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ عطف على يلمزون اى يستهزئون بهم والمراد بهم الفريق الأخير كابى عقيل سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ اى جازاهم على سخريتهم فيكون تسمية جزاء السخرية سخرية من قبيل المشاكلة لوقوعه فى صحبة قوله فيسخرون منهم وَلَهُمْ اى ثابت لهم عَذابٌ أَلِيمٌ على كفرهم ونفاقهم
قال الحدادي ولما نزلت هذه الآية اتى المنافقون الى رسول الله وقالوا يا رسول الله استغفر لنا فكان عليه السلام يستغفر لقوم منهم على ظاهر الإسلام من غير علم منه بنفاقهم وكان إذا مات أحد منهم يسألون رسول الله الدعاء والاستغفار لميتهم فكان يستغفر لهم على انهم مسلمون فاعلمه الله انهم منافقون واخبر ان استغفاره لا ينفعهم فذلك قوله تعالى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ خرج الكلام مخرج الأمر ومعناه الشرط اى ان شئت استغفر لهم وان شئت لا تستغفر فالامران متساويان فى عدم النفع الذي هو المغفرة والرحمة إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً قوله مرة انتصب على المصدر اى سبعين استغفارة او على الظرف اى سبعين وقتا وتخصيص السبعين بالذكر لتأكيد نفى المغفرة لان الشيء إذا بولغ فى وصفه أكد بالسبع والسبعين وهذا كما يقول القائل لو سألتنى حاجتك سبعين مرة لم اقضها لا يريد انه إذا زاد على السبعين قضى حاجته فالمراد التكثير لا التحديد فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ اى امتناع المغفرة لهم ولو بعد المبالغة فى الاستغفار ليس لعدم الاعتداد باستغفارك بل بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ اى كفرا متجاوزا عن الحد كما يلوح به وصفهم بالفسق فى قوله تعالى وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ فان الفسق فى كل شىء عبارة عن التمرد والتجاوز عن حدوده اى لا يهديهم هداية موصلة الى المقصد البتة لمخالفة ذلك