قدس سره المتعالي في شرح اسمى الضار والنافع هو الذي يصدر منه الخير والشر والنفع والضر وكل ذلك منسوب الى الله تعالى اما بواسطة الملائكة والانس والجمادات او بغير واسطة فلا تظنن ان السم يقتل ويضر بنفسه وان الطعام يشبع وينفع بنفسه وان الملك او الإنسان او الشيطان او شيأ من المخلوقات من فلك الكواكب او غيرها يقدر على خير او شر بنفسه او نفع او ضر. بل كل ذلك اسباب مسخرة لا يصدر منها الا ما سخرت له وجملة ذلك بالاضافة الى القدرة الازلية كالقلم بالاضافة الى الكاتب في اعتقاد العامي وكما ان السلطان إذا وقع لكرامة او عقوبة لم يضر ذلك ولا نفعه من القلم بل من الذي القلم مسخر له فكذلك سائر الوسائط والأسباب وانما قلنا في اعتقاد العامي لان الجاهل هو الذي يرى القلم مسخرا للكاتب والعارف يعلم انه مسخر في يده لله تعالى وهو الذي الكاتب مسخر له فانه مهما خلق الكاتب وخلق له القدرة وسلط عليه الداعية الجازمة التي لا تردد فيها صدر منه حركة الإصبع والقلم لا محالة شاء أم ابى بل لا يمكنه ان لا يشاء فاذا الكاتب بقلم الإنسان ويده وهو الله تعالى وإذا عرفت هذا في الحيوان المختار فهو في الجمادات اظهر قال صاحب روضة الأخيار المؤثر هو الله تعالى والكواكب اسباب عادية الشمس مظهر اسم الحي والزهرة للمريد وعطارد للمسقط والقمر للقابل ولذا كان بيت العزة في ملكه والمريخ للقادر والمشترى للعليم وزحل للجواد واصول الأسماء اربعة هي الحياة والعلم والقدرة والارادة واسرافيل مظهر الحياة والاقساط مندرج فيها وجبريل مظهر العلم والقول وباعتبار الاول هو روح القدس وبالثاني الروح الامين ولذا كان حامل الوحى وميكائيل مظهر الارادة والجود مندرج فيها ولذا كان ملك الأرزاق وعزرائيل مظهر القدرة ولذا يقهر الجبابرة ويذلهم بالموت والفناء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ من تبعيضية اى شيأ مما رزقناكموه والتعرض لوصوله منه تعالى للحث على الانفاق والمراد به الانفاق الواجب اى الزكاة بدلالة ما بعده من الوعيد والأكثر على ان الأمر يتناول الواجب والمندوب مِنْ لابتداء الغاية قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ يوم الحساب والجزاء لا بَيْعٌ فِيهِ يتدارك به المقصر تقصيره وهو في التقدير جواب هل فيه بيع ولهذا رفع. والبيع استبدال المال بالثمن وَلا خُلَّةٌ حتى يسامحكم اخلاؤكم بما تصنعون. والخلة المودة والصداقة فكأنها تتخلل الأعضاء اى تدخل خلالها ووسطها والخليل الصديق لمداخلته إياك والخلة تنقطع يوم القيامة بين الأخلاء الا بين المتقين لقوله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ وَلا شَفاعَةٌ حتى تتكلوا على شفعاء تشفع لكم في حط ما في ذممكم والشفاعة المنفية يوم القيامة هي التي يستقل فيها الشفيع ويأتى بها وان لم يؤذن له فيها فان الدلائل قائمة على ثبوت الشفاعة للمؤمنين بعد أن يؤذن لهم فيها وهي لمن مات لا يشرك بالله شيأ وَالْكافِرُونَ اى والتاركون للزكاة وإيثاره عليه للتغليط والتهديد كما قال في آخر آية الحج وَمَنْ كَفَرَ مكان ومن لم يحج وللايذان بان ترك الزكاة من صفات الكفار قال تعالى وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب ووضعوا المال في غير موضعه وصرفوه الى غير وجهه