تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ يُحِبُّونَهُمْ الجملة صفة لاندادا اى يعظمونهم ويخضعون لهم ويطيعونهم تعظيم المحبوب واطاعته كَحُبِّ اللَّهِ اى حبا كائنا مثل حبهم الله تعالى اى يسوون بينه تعالى وبينهم في الطاعة والتعظيم والمقصود من التشبيه ما في الوصف من القوة والضعف والمراد هاهنا التسوية وهذه التسوية في التعظيم لا تنافى إقرارهم بربوبيته تعالى كما يدل عليه قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ولفظ المحبة مأخوذ من الحب بالفتح كحبة الحنطة والشعير شبه حبة القلب اى سويداءه بالحب المعروف في كون كل منهما منشأ ومبدأ للآثار العجيبة فاستعير اسم الحب لها ثم اشتق من الحب المستعار للقلب الحب بمعنى ميل القلب لانه أصابها ورسخ فيها ومحبة العبد لله تعالى ارادة طاعته في أوامره ونواهيه والاعتناء لتحصيل مراضيه ومحبة الله للعبد ارادة إكرامه واستعماله في الطاعة وصونه من المعاصي ثم فضل محبة المؤمنين بقوله وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ من حب الكفرة لاندادهم لانه لا ينقطع محبتهم لله بخلاف محبة الانداد فانها لاغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب ولذلك كانوا يعدلون عن آلهتهم الى الله تعالى عند الشدائد ويعبدون الصنم زمانا فاذا رأوا صنما يعجبهم أخذوه وطرحوا الاول. وروى ان باهلة عملت لها الها من خس فاكلوه عام المجاعة وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لو يعلم هؤلاء الذين أشركوا باتخاذ الانداد ووضعها موضع المعبود إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ المعد لهم يوم القيامة اى عاينوه فهى من الرؤية بالعين أَنَّ الْقُوَّةَ اى الغلبة والقدرة الإلهية لِلَّهِ جَمِيعاً نصب حالا والجملة سادة مسد مفعولى يرى وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ عطف على ان القوة لله وفائدته المبالغة في تهويل الخطب وتفظيع الأمر فان اختصاص القوة به تعالى لا يوجب شدة العذاب لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه وجواب لو محذوف اى لو علم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم بشركهم ان القدرة كلها لله على كل شىء من الثواب والعقاب دون اندادهم ويعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة لوقعوا من الحسرة والندامة على عبادة الانداد فيما لا يكاد يوصف إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا بدل من إذ يرون واصل التبري التخلص ويستعمل للتفصى والتنصل مما تكره مجاورته والمعنى إذ تبرأ الرؤساء المتبوعون مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا اى من الاتباع بان اعترفوا ببطلان ما كانوا يدعونه فى الدنيا ويدعونهم اليه من فنون الكفر والضلال واعتزلوا عن مخالطتهم وقابلوهم باللعن وَرَأَوُا الْعَذابَ الواو حالية وقد مضمرة اى تبرأوا حال رؤيتهم العذاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ عطف على تبرأ وتوسط الحال بينهما للتنبيه على علة التبري اى انقرضت عنهم الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد والأنساب والمحاب والاتباع والاستتباع فالباء فى بهم بمعنى عن كما في قوله تعالى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً او للسببية اى تقطعت بسبب كفرهم الأسباب التي كانوا يرجون بها النجاة او للتعدية اى قطعتهم الأسباب كما تقول فرقت بهم الطريق اى فرقتهم وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا حين عاينوا تبرى الرؤساء منهم وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم فى الدنيا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً اى ليت لنا رجعة الى الدنيا وعودة فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ هناك كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا اليوم اى تبرأ مثل تبرئهم فالكاف منصوب المحل على انها صفة مصدر