ونياتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذي سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الأعمال الحسنة ويحلينا بالأخلاق المستحسنة وَاللَّهُ وحده وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ الإرسال فى القرآن على معنيين. الاول بمعنى [فرستادن] كما فى قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) . والثاني بمعنى [فرو كشادن] كما فى قوله تعالى (أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفى المفردات الإرسال يقال فى الإنسان وفى الأشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) والإرسال يقابل الإمساك. والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك أصله روح ولذا يجمع على أرواح واما أرياح قياسا على رياح فخطأ قال صاحب كشف الاسرار [الله است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنگام دربايست وباندازه دربايست بادهاى مختلف از مخارج مختلف] أراد بها الجنوب والشمال والصبا فانها رياح الرحمة لا الدبور فانها رياح العذاب اما الجنوب فريح تخالف الشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا واما الصبا فمهبها من جانب المشرق إذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو إليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها فَتُثِيرُ سَحاباً تهيجه وتنشره بين السماء والأرض لانزال المطر فانه مزيد ثار الغبار إذا هاج وانتشر ساطعا قال فى تاج المصادر [الاثارة: برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] والسحاب جسم يملأه الله ماء كما شاء وقيل بخار يرتفع من البحار والأرض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والإنسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى أرسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان إحداثها لتلك الخاصية ولذلك أسند إليها فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ السوق بالفارسية [راندن] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذي لانبت فيه قد اغبر من القحط قال الراغب الموت يقال بإزاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق الله ذلك السحاب وأجراه الى الأرض التي تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير فصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء فَأَحْيَيْنا الفاءات الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الأخيرتين فانهما دخلتا على المسبب بِهِ اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب الْأَرْضَ اى صيرناها