دائم ثابت مقيم ان احسن ففى الجنة مؤيد او ان أساء ففى النار مخلدا لائن في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان فان العرض لا يبقى الا في جوهر ولا يوجد الا فيه وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فان الله يبقى أعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي من الأعيان يبقى ببقاء عمله قال في الإرشاد وهذا المعنى انسب بالمقام فان الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شيء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى وَأَمْدَدْناهُمْ اصل المد الجر واكثر ما جاء الامداد في المحبوب والمد في المكروه والامداد بالفارسية مدد كردن ومدد دادن وفي القاموس الامداد تأخير الاجل وان تنصر الأجناد بجماعة غيرك والإعطاء والاغاثة بِفاكِهَةٍ هى الثمار كلها وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وان لم يصر حوا بطلبه والمعنى وزدناهم على ما كان من مبادى التنعم وقتا فوقتا مما يشتهون من فنون النعماء وضروب الآلاء وذلك انه تعالى لما قال وما ألتناهم ونفى النقصان يصدق بايصال المساوى دفع هذا الاحتمال بقوله وأمددناهم اى ليس عدم النقصان بالاقتصار على المساوى بل بالزيادة على ثواب أعمالهم والامداد وتنوين فاكهة للتكثير اى بفاكهة لا تنقطع كلما أكلوا ثمرة عاد مكانها مثلها وما في ما يشتهون للعموم لانواع اللحمان وفي الحبر انك لتشتهى الطير في الجنة فيخربين يديك مشويا وقيل يقع الطائر بين يدى الرجل فى الجنة فيأكل منه قديدا ومشويا ثم يطير الى النهر يَتَنازَعُونَ فِيها نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبدها والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبر بها عن المخاصمة والمجادلة والمراد بالتنازع هنا التعاطي والتداول على طريق التجاذب يعنى تجاذب الملاعبة لفرط السرور والمحبة وفيه نوع لذة إذ لا يتصور في الجنة التنازع بمعنى التخاصم والمعنى يتعاطون فى الجنات ويتداولون هم وجلساؤهم بكمال رغبة واشتياق كما ينبئ عنه التعبير بالتنازع وبالفارسية با يكديكر داد وستد كنند در بهشت يعنى بهم دهند واز هم ستانند كَأْساً كاسه مملو از خمر بهشت والكأس قدح فيه شراب ولا يسمى كأسا ما لم يكن فيه شراب كما لا تسمى مائدة ما لم يكن عليها طعام والمعنى كأسا اى خمرا تسمية لها باسم محلها ولما كانت الكأس مؤنثة مهموزة انث الضمير في قوله لا لَغْوٌ فِيها اى في شربها حيث لا يتكلمون فى أثناء الشرب بلغوا الحديث وسقط الكلام قال ابن عطاء اى لغو يكون في مجلس محله جنة عدن والساقي فيها الملائكة وشربهم ذكر الله وريحانهم تحية من عند الله مباركة طيبة والقوم أضياف الله قال الراغب اللغو من الكلام مالا يعتد به وهو الذي يورد لاعن روية وفكر فيجرى مجرا اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيمٌ ولا يفعلون ما يأثم به فاعله اى ينسب الى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والسب والفواحش كما هو ديدن المنادمين في الدنيا وانما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام لان عقولهم ثابتة غير زائلة وذلك كسكارى المعرفة في الدنيا فانهم انما يتكلمون بالمعارف والحقائق قال البقلى وصفهم الله في شربهم لكاسات شراب وصله بالمنازعة والشوق الى مزيد القرب ثم وصف شرابهم انه يورثهم التمكين والاستقامة في السكر لا يؤول حالهم الى الشطح والعربدة وما